كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨)
﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بالله﴾ معنى الهمزة التي في كيف مثله في قولك أتكفرون بالله ومعكم ما يصرف عن الكفر ويدعو إلى الإيمان وهو الانكار والتعجب ونظيره أتطير بغير جناح وكيف تطير بغير جناح ﴿وكنتم أمواتا﴾ نطفا فى أصلاب آبائكم والواو للحال وقد مضمرة والاموات جمع ميت كالأقوال جمع قول ويقال لعادم الحياة أصلاً ميت أيضاً كقوله تعالى ﴿بلدة ميتا﴾ ﴿فأحياكم﴾ في الأرحام ﴿ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ عند انقضاء آجالكم ﴿ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ للبعث ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ تصبرون إلى الجزاء أو ثم يحييكم في قبوركم ثم إليه ترجعون للنشور وإنما كان العطف الأول بالفاء والبواقي بثم لأن الإحياء الأول قد تعقب الموت بلا تراخٍ وأما الموت فقد تراخى عن الحياة والحياة الثانية كذلك تتراخى عن الموت إن ريد النشور وإن أريد إحياء القبر فمنه يكتسب العلم بتراخيه والرجوع إلى الجزاء أيضاً متراخٍ عن النشور وإنما أنكر اجتماع الكفر مع القصة التي ذكرها لأنها مشتملة على آيات بينات تصرفهم عن الكفر ولأنها تشتمل على نعمٍ جسام حقها أن تشكر ولا تكفر
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩)
﴿هُوَ الذي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأرض﴾ أى لأجلكم ولا نتفاعكم به في دنياكم ودينكم أما الأول فظاهر وأما الثاني فالنظر فيه وما فيه من العجائب الدالة على صانع قادر حكيم عليم وما فيه من التذكير بالآخرة لأن ملاذها تذكر ثوابها ومكارهها تذكر عقابها وقد استدل الكرخي وأبو بكر الرازي والمعتزلة بقوله خلق لكم على أن الأشياء التي يصح أن ينتفع بها خلقت مباحة في الأصل ﴿جَمِيعاً﴾ نصب على الحال من ما ﴿ثُمَّ استوى إِلَى السماء﴾ الاستواء الاعتدال والاستقامة يقال استوى العود أي قام واعتدل ثم قيل استوى إليه كالسهم المرسل أي قصده قصداً مستوياً من غير أن يلوي على شيء ومنه قوله تعالى ثم استوى إلى السماء أي أقبل وعمد إلى خلق


الصفحة التالية
Icon