فوضعت موضع التنزيه والبراءة فمعنى حشا الله براءة الله وتنزيه الله وقراءة أبي عمرو وحاشا لله نحو قولك سقيا لك كأنه قال برءا ثم قال لله لبيان من يبرأ وينزه وغيره حاش لله بحذف الألف الأخيرة والمعنى تنزيه الله من صفات العجز والتعجب من قدرته على خلق جميل مثله ﴿مَا هذا بَشَرًا إِنْ هذا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾ نفين عنه البشرية لغرابة جماله واثتبن له الملكية وبتتن بها الحكم لما ركز في الطباع أن لا أحسن من الملك كما ركز فيها أن لا أقبح من الشيطان
قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ (٣٢)
﴿قَالَتْ فذلكن الذى لُمْتُنَّنِى فِيهِ﴾ تقول هو ذلك العبد الكنعانى الذى صورتن فى أنفسكهن ثم لمتنني فيه تعني إنكن لم تصوّرنه حق صورته والا لعذرتنى فى الافتنان به ﴿وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فاستعصم﴾ والاستعصام بناء مبالغة يدل على الامتناع البليغ والتحفظ الشديد كأنه في عصمة وهو يجتهد في الاستزادة منها وهذا بيان جلي على أن يوسف عليه السلام بريء مما فسر به أولئك الفريق الهم والبرهان ثم قلن له أطع مولاتك فقالت راعيل ﴿وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ ما آمره﴾ الضمير راجع إلى ما وهي موصولة والمعنى ما آمر به فحذف االجار كما في قوله أمرتك الخير أو ما مصدرية والضمير يرجع إلى يوسف أي ولئن لم يفعل أمرى إياه أى موجب احري ومقتضاه ﴿ليسجنن﴾ ليحبسن والألف فى ﴿وليكون﴾ بدل من نون التأكيد الخفيفة ﴿مِنَ الصاغرين﴾ مع السراق والسفاك والأباق كما سرق قلبي وأبق مني وسفك دمي بالفراق فلا يهنأ ليوسف الطعام والشراب والنوم هنالك كما منعني هنا كل ذلك ومن لم يرض بمثلي في الحرير على السرير امير احصل في الحصير على الحصير حسيراً فلما سمع يوسف تهديدها
قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٣٣)
﴿قَالَ رَبّ السجن أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا يَدْعُونَنِى إليه﴾ اسند الدعوة عليهن لأنهن قلن له ما عليك لو أجبت مولاتك أو افتتنت


الصفحة التالية
Icon