الاجتهاد لأن ذلك نوع من العلم فإن علمتموهن مؤمنات وأقام الشارع غالب الظن مقام العلم وأمر بالعمل به كما في الشهادات ولنا في العمل بخير الواحد لما ذكرنا ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كل أولئك كان عنه مسؤولا﴾ أولئك إشارة إلى السمع والبصر والفؤاد لأن أولئك كما يكون إشارة إلى العقلاء يكون إشارة إلى غيرهم كقول جرير

ذم المنازل بعد منزلة اللوى والعيش بعد أولئك الأيام
وعنه في موضع الرفع بالفاعلية أي كل واحد منها كان مسئولا عنه فمسئول مسند إلى الجار والمجرور كالمغضوب في غَيْرِ المغضوب عليهم يقال للإنسان لم سمعت ما لم يحل لك سماعه ولم نظرت إلى ما لم يحل لك النظر إليه ولم عزمت على ما لم يحل لك العزم عليه كذا في الكشاف وفيه نظر لبعضهم لأن الجار والمجرور إنما يقومان مقام الفاعل إذا تأخرا عن الفعل فأما إذا تقدما فلا
وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (٣٧)
﴿وَلاَ تَمْشِ فِى الأرض مَرَحًا﴾ هو حال أي ذا مرح ﴿إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأرض﴾ لن تجعل فيها خرقاً بدوسك لها وشدة وطئتك ﴿ولن تبلغ الجبال طولا﴾ بتطاولك وهوتهكم بالمختال
الإسراء (٣٨ _ ٤٢)
أو لن تحاذيها قوة وهو حال من الفاعل أو المفعول
كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (٣٨)
﴿كُلُّ ذلك كَانَ سَيّئُهُ﴾ كوفي وشامي على إضافة سيىء إلى ضمير كل سيئة غيرهم ﴿عِنْدَ رَبّكَ مَكْرُوهًا﴾ ذكر مكروهاً لأن السيئة في حكم الأسماء بمنزلة الذنب والإثم زال عنه حكم الصفات فلا اعتبار بتأنيثه ألا تراك تقول الزنا سيئة كما تقول السرقة سيئة فإن قلت الخصال المذكورة بعضها سىء وبعضها حسن ولذلك قرأ من قرأ سيئة بالإضافة أي ما كان من المذكور سيئاً كان عند الله مكروهاً فما وجه قراءة من قرأ


الصفحة التالية
Icon