لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (١٧)
ثم نزه ذاته عن سمات الحدوث بقوله ﴿لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً﴾ أي ولداً أو امرأة كأنه رد على من قال عيسى ابنه ومريم صاحبته ﴿لاتخذناه مِن لَّدُنَّا﴾ من الولدان أو الحور ﴿إِن كُنَّا فاعلين﴾ أي إن كنا ممن يفعل ذلك ولسنا ممن يفعله لاستحالته في حقنا وقيل هو نفي كقوله وان أدري أي ما كنا فاعلين
بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (١٨)
﴿بَلْ نَقْذِفُ﴾ بل إضراب عن اتخاذ اللهو وتنزيه منه لذاته كأنه قال سبحاننا أن نتخذ اللهو بل من سنتنا أن نقذف أي نرمي ونسلط ﴿بالحق﴾ بالقرآن ﴿عَلَى الباطل﴾ الشيطان أو بالإسلام على الشرك أو بالجد على اللعب ﴿فَيَدْمَغُهُ﴾ فيكسره ويدحض الحق الباطل
الأنبياء (٢٣ - ١٨)
وهذه استعارة لطيفة لأن أصل استعمال القذف والدمغ في الاجسام ثم استيعر القذف لإيراد الحق على الباطل والدمغ لإذهاب الباطل فالمستعار منه حتى والمستعار له عقلي فكأنه قيل بل نورد الحق الشبيه بالجسم القوي على الباطل الشبيه بالجسم الضعيف فيبطله إبطال الجسم القوي الضعيف ﴿فَإِذَا هُوَ﴾ أي الباطل ﴿زَاهِقٌ﴾ هالك ذاهب ﴿وَلَكُمُ الويل مِمَّا تَصِفُونَ﴾ الله به من الولد ونحوه
وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩)
﴿وَلَهُ مَن فِى السماوات والأرض﴾ خلقاً وملكاً فأبى يكون شيء منه ولداً له وبينهما تنافٍ ويوقف على الأرض لأن ﴿ومن عنده﴾ منزلة ومكانة لا منزلاً ولا مكاناً يعني الملائكة مبتدأ خبره ﴿لاَ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ لا يتعظمون ﴿عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ﴾ ولا يعيون
يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (٢٠)
﴿يُسَبّحُونَ الليل والنهار لاَ يَفْتُرُونَ﴾ حال من فاعل يسبحون أي تسبيحهم متصل دائم في جميع أوقاتهم لا تتخلله فتر بفراغ أو بشغل آخر فتسبيحهم جارٍ مجرى التنفس منا


الصفحة التالية
Icon