ليفعلوا ذلك ﴿وَمَن يُعَظّمْ حرمات الله﴾ الحرمة ما لا يحل هنكه وجميع ما كلفه الله عز وجل بهذه الصفة من مناسك الحج وغيرهما فيحتمل أن يكون عاماً في جميع تكاليفه ويحتمل أن يكون خاصاً بما يتعلق بالحج وقيل حرمات الله البيت الحرام والمشعر الحرام والشهر الحرام والبلد الحرام والمسجد الحرام ﴿فَهُوَ﴾ أي التعظيم ﴿خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبّهِ﴾ ومعنى التعظيم العلم بأنها واجبة المراعاة والحفظ والقيام بمراعاتها ﴿وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأنعام﴾ أي كلها ﴿إِلاَّ مَا يتلى عَلَيْكُمْ﴾ آية تحريمه وذلك قوله حرمت عليكم الميتة الآية والمعنى أن الله تعالى أحل لكم الأنعام كلها إلا ما بيّن في كتابه فحافظوا على حدوده ولا تحرموا شيئاً مما أحل كتحريم البعض البحيرة ونحوها ولا تحلوا مما حرم كاحلات لهم أكل الموقوذة والميتة وغيرهما ولما حث على تعظيم حرماته أتبعه الأمر باجتناب الأوثان وقول الزور بقوله ﴿فاجتنبوا الرجس مِنَ الأوثان واجتنبوا قَوْلَ الزور﴾ لأن ذلك من أعظم الحرمات واسبقها خطوا ومن الاوثان بيان للرجس مبهم يتناول غير شئ كأنه قيل فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان وسمى الأوثان رجساً على طريقة التشبيه يعني أنكم تنفرون بطباعكم عن الرجس فعليكم أن تنفروا عنها وجمع بين الشرك وقول الزور أي الكذب والبهتان أو شهادة الزور وهو من الزور وهو الانحراف لأن الشرك من باب الزور إذ المشرك زاعم أن الوثن يحق له العبادة
حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (٣١)
﴿حُنَفَاء للَّهِ﴾ مسلمين ﴿غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ﴾ حال كحنفاء ﴿وَمَن يُشْرِكْ بالله فَكَأَنَّمَا خَرَّ﴾ سقط ﴿مّنَ السماء﴾ إلى الأرض ﴿فَتَخْطَفُهُ الطير﴾ أي تسلبه بسرعة فتخطّفه أي تتخطفه مدني ﴿أَوْ تَهْوِي بِهِ الريح﴾ أي تسقطه


الصفحة التالية
Icon