إلى المستحقين للاحسان أولا يقتصروا في أن يحسنوا إليهم وإن كانت بينهم وبينهم شحناء لجناية اقترفوها ﴿وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُواْ﴾ العفو الستر والصفح الاعراض أى ولنجاوزوا عن الجفاء وليعرضوا عن العقوبة ﴿أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ الله لَكُمْ﴾ فليفعلوا بهم ما يرجون أن يفعل بهم ربهم مع كثرة خطاياهم ﴿والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ فتأدبوا بأدب الله واغفروا وارحموا نزلت في شأن أبي بكر الصديق رضى الله عنه حين حلف أن لا ينفق على مسطح ابن خالته لخوضه فى عائشة رضى الله عنها وكان مسكيناً بدرياً مهاجراً ولما قرأها النبي ﷺ على أبي بكر قال بلى أحب أن يغفر الله لي ورد إلى مسطح نفقته
إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٢٣)
﴿إِنَّ الذين يَرْمُونَ المحصنات﴾ العفائف ﴿الغافلات﴾ السليمات الصدور النقيات القلوب اللاتي ليس فيهن دهاء ولا مكر لانهن لم يجربن الأمور ﴿المؤمنات﴾ بما يجب الايمان به عن ابن عباس رضى الله عنهما هن أزواجه عليه الصلاة والسلام وقيل هن جميع المؤمنات إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وقيل أريدت عائشة رضى الله عنها وحدها وإنما جمع لأن من قذف واحدة من نساء النبى عليه الصلاة والسلام فكأنه قذفهن ﴿لُعِنُواْ فِى الدنيا والآخرة وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ جعل القذفة ملعونين في الدارين وتوعدهم بالعذاب العظيم في الآخرة إن لم يتوبوا
يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤)
والعامل في ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ﴾ يعذبون وبالياء جمزة وعلي ﴿أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ أي بما أفكوا أو بهتوا
يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (٢٥)
والعامل في ﴿يَوْمَئِذٍ يُوَفّيهِمُ الله دِينَهُمُ الحق﴾ بالنصب صفة للدين وهو الجزاء ومعنى الحق الثابت الذي هم أهله وقرأ مجاهد بالرفع صفة كقراءة أبى وفيهم الله الحق دينهم وعلى قراءة النصب يجوز أن يكون الحق وصفاً لله بأن ينتصب على المدح ﴿ويعلمون﴾ عند
النور (٢٦ - ٢٥)
ذلك ﴿أَنَّ الله هُوَ الحق المبين﴾


الصفحة التالية
Icon