وقررناه فيها فكيفما فعل بهم وعلى أي وجه دبر أمرهم فلا سبيل إلى أن يتغيروا عما هم عليه من الكفر به والتكذيب له كما قال وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كتابا فِى قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الذين كَفَرُواْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مبين وهو حجتنا على المغتزلة في خلق أفعال العباد خيرها وشرها وموقع قوله
لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٢٠١)
﴿لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ بالقرآن من قوله سلكناه في قلوب المجرمين موقع الموضح والملخص لأنه مسوق لثبات كونه مكذباً مجحوداً في قلوبهم فاتبع ما يقرر هذا المعنى من أنهم لا يزالون على التكذيب به وجحوده حتى يعاينوا الوعيد ويجوز أن يكون حالاً أي سلكناه فيها غير مؤمن به ﴿حتى يَرَوُاْ العذاب الأليم﴾ المراد معاينة العذاب عند الموت ويكون ذلك إيمان يأس فلا ينفعهم
فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٢٠٢)
﴿فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً﴾ فجأة ﴿وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ بإتيانه
فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (٢٠٣)
﴿فَيَقُولُواْ﴾ وفيأتيهم معطوفان على يروا ﴿هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ﴾ يسألون النظرة والإمهال طرفة عين فلا يجابون إليها
أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (٢٠٤)
﴿أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ﴾ توبيخ لهم وإنكار عليهم قولهم فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ السماء أَوِ ائتنا بعذاب أليم ونحو ذلك
أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (٢٠٥)
﴿أَفَرَأَيْتَ إِن متعناهم سِنِينَ﴾ قيل هي سنو مدة الدنيا
ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦)
﴿ثم جاءهم ما كَانُواْ يُوعَدُونَ﴾ من العذاب
مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٧)
﴿مَا أغنى عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ﴾ به في تلك السنين والمعنى أن استعجالهم بالعذاب إنما كان لاعتقادهم أنه غير كائن ولا لاحق بهم وأنهم ممتعون بأعمار طوال في سلامة وأمن فقال الله تعالى أفبعذابنا يستعجلون أشراً وبطراً واستهزاء واتكالاً على الأمل الطويل ثم قال هب أن الأمر كما


الصفحة التالية
Icon