لا على المؤمنين ﴿ينصُر مَنْ يشاء وهو العزيز﴾ الغالب على أعدائه ﴿الرحيم﴾ العاطف على أوليائه
وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٦)
﴿وَعَدَ الله﴾ مصدر مؤكد لأن قوله وهم من بعد غلبهم سيغلبون وعد من الله للمؤمنين فقوله وعد الله بمنزلة وعد الله المؤمنين وعداً ﴿لاَ يُخْلِفُ الله وَعْدَهُ﴾ بنصر الروم على فارس ﴿ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يعلمون﴾ ذلك
يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (٧)
﴿يَعْلَمُونَ﴾ بدل من لا يعلمون وفيه بيان أنه لا فرق بين عدم العلم الذي هو الجهل وبين وجود العلم الذي لا يتجاوز عن تحصيل الدنيا وقوله ﴿ظَاهِراً مّنَ الحياة الدنيا﴾ يفيد للدنيا ظاهر او باطنا فظاهرها ما يعرفه الجهال من التمتع بزخارفها وباطنها أنها مجاز إلى الآخرة يتزود منها إليها بالطاعه وبالأعمال الصالحة وتنكير الظاهر
الروم (٩ - ٧)
يفيد أنهم لا يعلمون إلا ظاهراً واحداً من جملة ظواهرها ﴿وَهُمْ عَنِ الآخرة هُمْ غافلون﴾ هم الثانية مبتدأ وغافلون خبره والجملة خبرهم الأولى وفيه بيان أنهم معدن الغفلة عن الآخرة ومقرها
أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (٨)
﴿أو لم يَتَفَكَّرُواْ فِى أَنفُسِهِمْ﴾ يحتمل أن يكون ظرفاً كانه قيل أو لم يثبتوا التفكر في أنفسهم أي في قلوبهم الفارغة من الفكر والتفكر لا يكون إلا في القلوب ولكنه زيادة تصوير لحال المتفكرين كقوله اعتقده في قلبك وأن يكون صلة للتفكر نحو تفكر في الأمر وأجال فيه فكره ومعناه على هذا أولم يتفكروا في أنفسهم التي هي أقرب إليهم من غيرها من المخلوقات وهم أعلم بأحوالها منهم بأحوال ما عداها فيتدبروا ما أودعها الله ظاهراً وباطناً من غرائب الحكمة الدالة على التدبير دون الإهمال وأنه لا بد لها من الانتهاء إلى وقت تجازى فيه على الإحسان إحساناً وعلى الإساءة مثلها حتى يعلموا عند ذلك أن سائر الخلائق كذلك أمرها جارٍ على الحكمة في التدبير وأنه لا بد لها من الانتهاء إ لى ذلك الوقت ﴿مَّا خَلَقَ الله السماوات والأرض وما بينهما﴾ متعلق بالقول المحذوف ومعناه أو لم يتفكروا فيقولوا هذا القول وقيل معناه


الصفحة التالية
Icon