فيعلموا لأن في الكلام دليلاً عليه ﴿إِلاَّ بالحق وَأَجَلٍ مُّسَمًى﴾ أي ما خلقها باطلاً وعبثاً بغير حكمة بالغة ولا لتبقى خالدة إنما خلقها مقرونة بالحق مصحوبة بالحكمة وبتقدير أجلٍ مسمى لا بدلها من أن تنتهي إليه وهو قيام الساعة ووقت الحساب والثواب والعقاب ألا ترى إلى قوله أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا ترجعون كيف سمى تركهم غير راجعين إليه عبثاً ﴿وَإِنَّ كَثِيراً مّنَ الناس بِلِقَاء رَبّهِمْ﴾ بالبعث والجزاء ﴿لكافرون﴾ لجاحدون وقال الزجاج أي لكافرون بلقاء ربهم
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٩)
﴿أَوَ لَمْ يَسِيرُواْ فِى الأرض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عاقبة الذين مِن قَبْلِهِمْ﴾ هو تقرير لسيرهم في البلاد ونظرهم إلى آثار المدمرين من عاد وثمود وغيرهم من الأمم العاتية ثم وصف حالهم فقال ﴿كَانُواْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُواْ الأرض﴾ وحرثوها ﴿وَعَمَرُوهَا﴾ أي المدمرون ﴿أكثر﴾ صفة مصدر محذوف وما مصدرية في ﴿مِمَّا عَمَرُوهَا﴾ أي من عمارة أهل مكة ﴿وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بالبينات﴾ وتقف عليها لحق الحذف أي فلم يؤمنوا فأهلكوا ﴿فَمَا كَانَ الله لِيَظْلِمَهُمْ﴾ فما كان تدميره إياهم ظلماً لهم ﴿ولكن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ ولكنهم ظلموا
الروم (١٦ - ١٠)
أنفسهم حيث عملوا ما أوجب تدميرهم
ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ (١٠)
﴿ثُمَّ كَانَ عاقبة﴾ بالنصب شامي وكوفي ﴿الذين أساؤوا السوأى﴾ تأنيث الأسوأ وهو الأقبح كما أن الحسنى تأنيث الأحسن ومحلها رفع على أنها اسم كان عند من نصب عاقبة على الخبر ونصب عند من رفعها والمعنى أنهم عوقبوا في الدنيا بالدمار ثم كانت عاقبتهم السوأى إلا أنه وضع الظهر وهو الذين أساءوا موضع المضمر أي العقوبة التي هي أسوأ العقوبا ت في الآخرة وهي النار التي أعدت للكافرين ﴿أن كذبوا﴾ لأن