والتدابير الإلهية التي يختص بها رب العزة والكبرياء ثم تهكم بهم غاية التهكم فقال فإن كانوا يصلحون لتدبير الخلائق والتصرف فى الرحمة ﴿فَلْيَرْتَقُواْ فِى الأسباب﴾ فليصعدوا في المعارج والطرق التي يتوصل بها إلى السماء حتى يدبروا أمر العالم وملكوت الله وينزلوا الوحي إلى من يختارون ثم وعد نبيه عليه السلام النصرة عليهم بقوله
جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ (١١)
﴿جُندٌ﴾ مبتدأ ﴿مَّا﴾ صلة مقوية للنكرة المبتدأة ﴿هُنَالِكَ﴾ إشارة إلى بدر ومصارعهم أو إلى حيث وضعوا فيه
ص (١٧ - ١١)
أنفسهم من الانتداب لئل ذلك القول العظيم من قولهم لمن ينتدب لأمر ليس من أهله لست هُنَالِكَ خبر المبتدأ ﴿مهزوم﴾ مكسور ﴿من الأحزاب﴾ متعلق بجند أو بمهزوم يريد ماهم إلا جند من الكفار المتحزبين على رسول الله مهزوم عما قريب فلا تبال بما يقولون ولا تكترث لما به يهذون
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ (١٢)
﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ﴾ قبل أهل مكة ﴿قَوْمُ نُوحٍ﴾ نوحاً ﴿وَعَادٌ﴾ هوداً ﴿وَفِرْعَوْن﴾ موسى ﴿ذُو الأوتاد﴾ قيل كانت له أوتاد وحبال يلعب بها بين يديه وقيل يوتد من يعذب بأربعة أوتاد في يديه ورجليه
وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ (١٣)
﴿وَثَمُودُ﴾ وهم قوم صالح صالحاً ﴿وَقَوْمُ لُوطٍ﴾ لوطا ﴿وأصحاب الأيكة﴾ الغيضة شعيباً ﴿أُوْلَئِكَ الأحزاب﴾ أراد بهذه الإشارة الإعلام بأن الأحزاب الذين جعل الجند المهزوم منهم هم هم وأنهم الذين وجد منهم التكذيب
إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (١٤)
﴿إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرسل﴾ ذكر تكذيبهم أولاً في الجملة الخبرية على وجه الإبهام حيث لم يبين المكذب ثم جاء بالجملة الاستثنائية فأوضحه فيها وبيّن المكذَّب وهم الرسل وذكر أن كل واحد من الأحزاب كذب جميع


الصفحة التالية
Icon