الرسل لأن في تكذيب الواحد منهم تكذيب الجميع لاتحاد دعوتهم وفي تكرير التكذيب وإيضاحه بعد إبهامه والتنويع في تكريره بالجملة الخبرية أولا وبالاستثنائية ثانيا ومافى الاستثنائية من الوضع على وجه التوكيد أنواع من المبالغة المسجلة عليهم استحقاق أشد العقاب وأبلغه ثم قال ﴿فَحَقَّ عِقَابِ﴾ أى فوجب لذلك أن أعقابهم حق عقابهم عذابى وعقابى فى الحالين يعقوب
وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (١٥)
﴿وَمَا يَنظُرُ هَؤُلآءِ﴾ وما ينتظر أهل مكة ويجوز أن يكون إشارة إلى جميع الأحزاب ﴿إِلاَّ صَيْحَةً واحدة﴾ أي النفخة الأولى وهي الفزع الأكبر ﴿مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ﴾ وبالضم حمزة وعلى أى مالها من توقف مقدار فواق وهو ما بين حلبتي الحالب أي إذا جاء وقتها لم تستأخر هذا القدر من الزمان وعن ابن عباس رضى الله عنهما مالها من رجوع وترداد من أفاق المريض إذا رجع إلى الصحة وفواق الناقة ساعة يرجع الدر إلى ضرعها يريد أنها نفخة واحدة فحسب لا تثنى ولا تردد
وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (١٦)
﴿وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا﴾ حظنا من الجنة لأنه عليه السلام ذكر وعد الله المؤمنين الجنة فقالوا على سبيل الهزء عجل لنا نصيبنا منها أو نصيبنا من العذاب الذى وعدته كقوله ويستعجلونك بالعذاب وأصل القط القسط من الشيء لأنه قطعة منه من قطه إذا قطعه ويقال لصحيفة الجائزة قط لأنها قطعة من القرطاس ﴿قَبْلَ يوم الحساب﴾
اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧)
﴿اصبر على مَا يَقُولُونَ﴾ فيك وصن نفسك أن تزلّ فيما كلفت من مصابرتهم وتحمل أذاهم ﴿واذكر عبدنا داود﴾ وكرامته على الله كيف زل تلك الزلة اليسيرة فلقى من عقاب الله ما لقي ﴿ذَا الأيد﴾ ذا القوة فى الدين مما يدل على أن الأيد القوة في الدين قوله ﴿إنه أواب﴾ أى
ص (٢٢ - ١٨)
رجاح إلى مرضاة الله تعالى وهو تعليل لذي الأيد رُوي أنه كان يصوم يوماً ويفطر يوماً وهو أشد الصوم ويقوم نصف الليل
إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (١٨)
﴿إنّا سخّرنا﴾ ذللنا ﴿الجبال مَعَهُ﴾ قيل كان تسخيرها أنها تسير معه