لاَ يَعْلَمُونَ ﴿آناء الليل﴾ ساعاته ﴿ساجدا وَقَائِماً﴾ حالان من الضمير في قانت ﴿يحذر الآخرة﴾ أى عذاب الآخرة ﴿ويرجو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ أي الجنة ودلت الآية على أن المؤمن يجب أن يكون بين الخوف والرجاء يرجو رحمته لا عمله ويحذر عقابه لتقصيره في عمله ثم الرجاء إذا جاوز حده يكون أمناً والخوف إذا جاوز حده يكون أياما وقد قال الله تعالى فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلاَّ القوم الخاسرون وقال إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون فيجب أن لا يجاوز أحدهما حده ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الذين يَعْلَمُونَ والذين لاَ يَعْلَمُونَ﴾ أي يعلمون ويعملون به كأنه جعل من لا يعمل غير عالم وفيه ازدراء عظيم بالذين يقتنون العلوم ثم لا يقنتون ويفتنّون فيها ثم يفتنون بالدنيا فهم عند الله جهله حيث جعل الفانتين هم العلماء أو أريد به التشبيه أي كما لا يستوي العالم والجاهل كذلك لا يستوي المطيع والعاصي ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الألباب﴾ جمع لب أي إنما يتعظ بوعظ الله أولوا العقول
قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (١٠)
﴿قل يا عباد الذين آمنوا﴾ بلا ياء عند الأكثر ﴿اتقوا رَبَّكُمُ﴾ بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِى هذه الدنيا حَسَنَةٌ﴾ أي أطاعوا الله في الدنيا وفى يتعلق بأحسنوا لا بحسنة معناه الذين أحسنوا في هذه الدنيا فلهم حسنة في الآخرة وهي دخول الجنة أي حسنة لا توصف وقد علقه السدى بحسنة ففسر الحسنة بالصحة والعافية ومعنى ﴿وَأَرْضُ الله وَاسِعَةٌ﴾ أي لا عذر للمفرطين في الإحسان البتة حتى إن اعتلوا بأنهم لا يتمكنون في أوطانهم من التوفر على الإحسان قيل لهم فإن أرض الله واسعة وبلاده كثيرة فتحولوا إلى
الزمر (١٦ - ١٠)
بلاد أخر واقتدوا بالأنبياء والصالحين في مهاجرتهم إلى غير بلادهم ليزدادوا إحساناً إلى إحسانهم وطاعة إلى طاعتهم ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصابرون﴾ على مفارقة أوطانهم وعشائرهم وعلى غيرها من تجرع