وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (١٦)
﴿والذين يُحَآجُّونَ فِى الله﴾ يخاصمون في دينه ﴿من بعد ما استجيب له﴾ من بعدما استجاب له الناس ودخلوا في الإسلام ليردوهم إلى دين الجاهلية كقوله وَدَّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ الكتاب لَوْ يَرُدُّونَكُم مِن بَعْدِ إيمانكم كفارا كان اليهود والنصارى يقولون للمؤمنين كتابنا قبل كتابكم ونبينا قبل نبيكم فنحن خير منكم واولى بالحق وقيل من بعد فاستجيب لمحمد عليه السلام دعاؤه على المشركين يوم بدر ﴿حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ﴾ باطلة وسماها حجة وإن كانت شبهة لزعمهم أنها حجة ﴿عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ﴾ بكفرهم ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ في الاخرة
اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (١٧)
﴿الله الذى أَنزَلَ الكتاب﴾ أي جنس الكتاب ﴿بالحق﴾ بالصدق أو ملتبساً به ﴿والميزان﴾ والعدل والتسوية ومعنى انزال العدل انه انزل في كتبه المنزلة وقيل هو عين الميزان أنزله في زمن نوح عليه السلام ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ الساعة قَرِيبٌ﴾ أي لعل الساعة تقريب منك وانت لا تدرى والمراد مجىء
الشورى (٢١ - ١٨)
الساعة والساعة في تاويل لابعث ووجه مناسبة اقتراب الساعة مع إنزال الكتب والميزان أن الساعة يوم الحساب ووضع الموازين بالقسط فكأنه قيل أمركم الله بالعدل والتسوية والعمل بالشرائع فاعملوا بالكتاب والعدل قبل أن يفاجئكم يوم حسابكم ووزن أعمالكم
يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (١٨)
﴿يَسْتَعْجِلُ بِهَا الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا﴾ استهزاء ﴿والذين آمنوا مُشْفِقُونَ﴾ خائفون ﴿مِنْهَا﴾ وجلون لهولها ﴿وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الحق﴾ الكائن لا محالة ﴿أَلآ إِنَّ الذين يُمَارُونَ فَى الساعة﴾ المماراة الملاحّة لأن كل واجدة منهما يرى ما عند صاحبه ﴿لَفِى ضلال بَعِيدٍ﴾ عن الحق لأن قيام الساعة غير مستبعد من قدرة الله تعالى وقد دل الكتاب والسنة على وقوعها والعقول تشهد على أنه لا بد من دار جزاء


الصفحة التالية
Icon