إلا إنزال القرآن وحده لكفى به بركة ﴿إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أمر﴾
﴿حكيم﴾ ﴿أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين﴾
هما جملتان مستأنفتان ملفوفتان فسر بهما جواب القسم كأنه قيل أنزلناه لأن من شأننا الإنذار والتحذير من العقاب وكان إنزالنا إياه في هذه الليلة خصوصاً لأن إنزال القرآن من الامور الحكيمية وهذه الليلة مفرق كل أمر حكيم ومعنى يُفْرَقُ يفصل ويكتب كل أمر من أرزاق العباد وآجالهم وجميع أمورهم من هذه الليلة إلى ليلة القدر التي تجيء في السنة المقبلة ﴿حَكِيمٍ﴾ ذي حكمة أي مفعول على ما تقتضيه الحكمة وهو من الإسناد المجازي لان الحكم صفة صاحب الأمر على الحقيقة ووصف الأمر به مجازا
أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٥)
﴿أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَا﴾ نصب على الاختصاص جعل كل أمر جزلاً فخماً بأن وصفه بالحكيم ثم زاده جزالة وفخامة بأن قال أعني بهذا الأمر أمراً حاصلاً من عندنا كما اقتضاه علمنا وتدبيرنا ﴿إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾ بدل من إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ
رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦)
﴿رحمة من ربك﴾ معفول له على معنى انا أنزلنا القرآن لأن من شأننا وعادتنا إرسال الرسل بالكتب إلى عبادنا لأجل الرحمة عليهم او تعليل لقوله امرا من عندنا ورحمة مفعول به وقد وصف الرحمة بالإرسال كما وصفها به في قوله وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مرسل له من بعده والأصل إنا كنا مرسلين رحمة منا فوضع الظاهر موضع الضمير إيذاناً بأن الربوبية تقتضي الرحمة على المربوبين ﴿إِنَّهُ هُوَ السميع﴾ لأقوالهم ﴿العليم﴾ بأحوالهم
رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٧)
﴿رب﴾ كو فى بدل من رَبَّكَ وغيرهم بالرفع أي هو ربٌ ﴿السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ﴾ ومعنى الشرط أنهم كانوا يقرون بأن للسموات والأرض رباً وخالقاً فقيل لهم إن إرسال الرسل وإنزال الكتب رحمة من الرب ثم قيل إن هذا الرب هو السميع العليم الذي