رسول الله ﷺ التي تعلو أيدي المبايعين هي يد الله والله منزه عن الجوارح وعن صفات الأجسام وإنما المعنى تقرير أن عقد الميثاق مع الرسول كعقده مع الله من غير تفاوت بينهما كفوله من يطع الرسول فقد اطاع الله وانما يبايعون الله خبران ﴿فَمَن نَّكَثَ﴾ نقض العهد ولم يف بالبيعة ﴿فَإِنَّمَا يَنكُثُ على نَفْسِهِ﴾ فلا يعود ضرر نكثه إلا عليه قال جابر بن عبد الله بايعنا رسول الله ﷺ تحت الشجرة على الموت وعلى أن لا نفر فما نكث أحد منا البيعة إلا جدبن قيس وكان منافقاً اختبأ تحت بطن بعيره ولم يسر مع القوم ﴿وَمَنْ أوفى بِمَا عاهد﴾ يقال وفيت بالعهد وأوفيت به ومنه قوله اوفوا بالعقود والموفون بعدهم ﴿عَلَيْهِ الله﴾ حفص ﴿فَسَيُؤْتِيهِ﴾ وبالنون حجازي وشامي ﴿أَجْراً عَظِيماً﴾ الجنة
سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (١١)
﴿سَيَقُولُ لَكَ﴾ إذا رجعت من الحديبية ﴿المخلفون مِنَ الأعراب﴾ هم الذين خلّفوا عن الحديبية وهم أعراب غفار ومزينة وجهينة وأسلم وأشجع والديل وذلك انه عليه السلام حين اراد السير إلى مكة عام الحديبية معتمراً استنفر من حول المدينة من الأعراب وأهل البوادي ليخرجوا معه حذراً من قريش أن يعرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت وأحرم هو ﷺ وساق معه الهدي ليعلم أنه لا يريد حرباً فتثاقل كثير من الأعراب وقالوا يذهب إلى قوم غزوه في عقر داره بالمدينة وقتلوا اصحابه فقاتلهم وظنوا أنه يهلك فلا ينقلب إلى المدينة ﴿شَغَلَتْنَآ أموالنا وَأَهْلُونَا﴾ هي جمع أهل اعتلوا بالشغل باهاليهم واموالهم وانه ليس لهم من يقوم بأشغالهم ﴿فاستغفر لَنَا﴾ ليغفر لنا الله تخلقنا عنك ﴿يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَّا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِمْ﴾ تكذيب لهم في اعتذارهم وأن الذي خلفهم ليس ما يقولون وإنما هو الشك في الله والنفاق


الصفحة التالية
Icon