وذكر العرض دون الطول لأن كل ما له عرض وطول فإن عرضه أقل من طوله فإذا وصف عرضه بالبسطة عرف أن طوله أبسط أو أريد بالعرض البسطة وهذا ينفي قول من يقول إن الجنة في السماء الرابعة لأن التي في إحدى السموات لا تكون في عرض السموات والأرض ﴿أعدت للذين آمنوا بالله وَرُسُلِهِ﴾ وهذا دليل على أنها مخلوقة ﴿ذلك﴾ الموعود من المغفرة والجنة ﴿فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء﴾ وهم المؤمنون وفيه دليل على أنه لا يدخل أحد الجنة إلا بفضل الله ﴿والله ذُو الفضل العظيم﴾ ثم بين أن كل كائن بقضاء الله وقدره بقوله
مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٢٢)
﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى الأرض﴾ من الجدب وآفات الزروع والثمار وقوله فِى الأرض في موضع الجراى ما أصاب من مصيبة ثابتة في الأرض ﴿وَلاَ فِى أَنفُسِكُمْ﴾ من الأمراض والأوصاب وموت الأولاد ﴿إِلاَّ فِى كتاب﴾ في اللوح وهو موضع الحال أي إلا مكتوباً في اللوح ﴿مّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا﴾ من قبل أن نخلق الأنفس ﴿إِنَّ ذلك﴾ إن تقدير ذلك وإثباته في كتاب ﴿عَلَى الله يَسِيرٌ﴾ وإن كان عسيراً على العباد ثم علل ذلك وبين الحكمة فيه بقوله
لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (٢٣)
﴿لكي لا تَأْسَوْاْ﴾ تحزنوا حزناً يطغيكم ﴿على مَا فَاتَكُمْ﴾ من الدنيا وسعتها أو من العافية وصحتها ﴿ولا تفرحوا﴾ فرح المختال الفخور ﴿بما آتاكم﴾ أعطاكم من الإيتاء أبو عمرو أتاكم أي جاءكم من الاتيان يعني أتاكم إذا علمتم أن كل شيء مقدر مكتوب عند الله قل أساكم على الفائت وفرحكم على الآتي لأن من علم أن ما
﴿والله لا يحب كل مختال فخور الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن﴾
عنده مفقود لا مجالة لم يتفاقم جزعه عند فقده لأنه وظن نفسه على ذلك وكذلك من علم أن بعض الخير واصل إليه وأن وصوله لا يفوته بحال لم يعظم فرحه عند نيله وليس أحد إلا وهو يفرح عند منفعة