فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (١٣)
﴿فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ﴾ مجاز عن إيقاع العذاب بهم على أبلغ الوجود إذا الصب يشعر بالدوام والسواط بزيادة الإيلام أي عذبوا عذاباً مؤلماً دائماً
إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (١٤)
﴿إِنَّ رَبَّكَ لبالمرصاد﴾ وهو المكان الذي يترقب فيه الرصد مفعال من رصده وهذا مثل لإرصاده العباد وأنهم لا يفوتونه وأنه عالم بما يصدر منهم وحافظه فيخازيهم عليه ان خيرا فخيروان شرا فشر
فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (١٦)
﴿فَأَمَّا الإنسان إِذَا مَا ابتلاه رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبّى أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابتلاه فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ﴾ أي ضيق عليه وجعله بمقدار بلغته فَقَدَرَ شامي ويزيد ﴿فَيَقُولُ رَبّى أَهَانَنِ﴾ أي الواجب لمن ربه بالمرصاد أن يسعى للعاقبة ولا تهمه العاجلة وهو قد عكس فإنه إذا امتحنه ربه بالنعمة والسعة ليشكر قال ربي أكرمني أي فضلني بما أعطاني فيرى الإكرام في كثرة الحظ من الدنيا وإذا امتحنه بالفقر فقدر عليه رزقه ليصبر قال ربي أهانني فيرى الهوان في قلة الحظ من الدنيا لأنه لا تهمه إلا العاجلة وما يلذه وينعمه فيها فرد عليه زعمه بقوله
كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (١٧)
﴿كَلاَّ﴾ أي ليس الإكرام
والإهانة في كثرة المال وقلته بل الإكرام في توفيق الطاعة والإهانة في الخذلان وقوله تعالى فَيَقُولُ خبر المبتدأ الذي هو الإنسان ودخول الفاء لما في أما من معنى الشرط والظرف المتوسط بين المبتدأ أو الخبر في تقدير التأخير كأنه قيل فأما الإنسان فقائل ربي أكرمن وقت الابتلاء وكذا فَيَقُولُ الثاني خبر لمبتدأ تقديره وأما هو إذا ما ابنلاه ربه وسمى كلا الأمرين من بسط الرزق وتقديره ابتلاء لأن كل واحد منهما أختيار للعبد فإذا بسط له فقد اختبر حاله أيشكر أم يكفر وإذا قدر عليه فقد اختبر خاله أيصبر أم يجزع ونحوه قوله تعالى وبنلوكم بالشر والخير فتنة وإنما أنكر قوله رَبّى أَكْرَمَنِ مع أنه أثبته بقوله فَأَكْرَمَهُ لأنه قاله على قصد خلاف


الصفحة التالية
Icon