ظَاهِرِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِغَسْلِ الْوَجْهِ، وَالْوَجْهُ مَا يَقَعُ به الْمُوَاجَهَةِ مِنْ هَذَا الْعُضْوِ، وَيُقَالُ فِي اللُّغَةِ: بَقَلَ وَجْهُ فُلَانٍ وَخَرَجَ وَجْهُهُ: إِذَا نَبَتَتْ لِحْيَتُهُ. قول تَعَالَى: وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ، أَيْ: مَعَ الْمَرَافِقِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ [النِّسَاءِ: ٢]، أَيْ: مَعَ أَمْوَالِكُمْ، وَقَالَ: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ [آل عمران: ٥٢]، أَيْ: مَعَ اللَّهِ، وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ الْمِرْفَقَيْنِ، وَفِي الرِّجْلِ يَجِبُ غَسْلُ الْكَعْبَيْنِ، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: لَا يَجِبُ غَسْلُ الْمِرْفَقَيْنِ وَالْكَعْبَيْنِ فِي غَسْلِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ لِأَنَّ حَرْفَ إِلَى لِلْغَايَةِ وَالْحَدِّ، فَلَا يَدْخُلُ فِي الْمَحْدُودِ، قُلْنَا: لَيْسَ هَذَا بِحَدٍّ وَلَكِنَّهُ بِمَعْنَى مَعَ كَمَا ذَكَرْنَا، وَقِيلَ:
الشَّيْءُ إِذَا حُدَّ إِلَى جِنْسِهِ يَدْخُلُ فِيهِ الْغَايَةُ، وَإِذَا حُدَّ إِلَى غَيْرِ جِنْسِهِ لَا يَدْخُلُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ [الْبَقَرَةِ: ١٨٧]، لَمْ يَدْخُلِ اللَّيْلُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ النَّهَارِ، قوله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ، اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْ مَسْحِ الرَّأْسِ، فَقَالَ مَالِكٌ: يَجِبُ مَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ كَمَا يَجِبُ مَسْحُ جَمِيعِ الْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجِبُ مَسْحُ رُبْعِ الرَّأْسِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ:
يَجِبُ قَدْرُ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسْحِ، وَاحْتَجَّ مَنْ أَجَازَ مَسْحَ بَعْضِ الرَّأْسِ بِمَا:
«٧٦٣» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ أَحْمَدَ الْخَلَّالِ أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ أَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ الثَّقَفِيِّ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ».
فَأَجَازَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْمَسْحَ عَلَى الْعِمَامَةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَلَمْ يُجَوِّزْ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْمَسْحَ عَلَى الْعِمَامَةِ بدلا من مسح الرأس، وقال فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ إِنَّ فَرْضَ المسح

٧٦٣- إسناده صحيح، الشافعي فمن دونه ثقات، وقد توبعوا، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم سوى عمرو بن وهب الثقفي، وهو ثقة، وقد توبع. ابن سيرين هو محمد، أيوب هو ابن أبي تميمة السّختياني.
وهو في «شرح السنة» ٢٣٢ بهذا الإسناد.
وهو في «مسند الشافعي» (١/ ٣٢) عن يحيى بن حسان بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة (١/ ١٧٩) وأحمد (٤/ ٢٤٤ و٢٤٩) من طريق إسماعيل بن علية به.
وأخرجه ابن حبان ١٣٤٢ عن ابن سيرين به.
وأخرجه البيهقي (١/ ٥٨) من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عن ابن سيرين عن رجل عن عمرو بن وهب به.
وأخرجه أحمد (٤/ ٢٤٨) عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ ابن سيرين عن رجل عن عمرو بن وهب به.
وأخرجه البخاري ٢٠٦ و٥٧٩٩ ومسلم ٢٧٤ ح ٧٩ وأبو داود ١٥١ والنسائي (١/ ٦٣) والشافعي (١/ ٣٢) والحميدي ٧٥٨ وأحمد (٤/ ٢٥١ و٢٥٥) أبو عوانة (١/ ٢٢٥ و٢٢٦) وابن حبان ١٣٢٦ والطحاوي (١/ ٨٣) والطبراني في «الكبير» (٢٠/ ٨٦٤ و٨٦٦ و٨٦٧ و٨٦٨ و٨٧١) والبيهقي (١/ ٢٨١) والخطيب (١٢/ ٤٢٧) من طرق عن عامر الشعبي عن عروة بن المغيرة بن شعبة عن أبيه في أثناء حديث.
وأخرجه مسلم ٢٧٤ ح ٨٣ وأبو داود ١٥٠ والترمذي ١٠٠ والنسائي (١/ ٧٦) وأحمد (٤/ ٢٥٥) وأبو عوانة (١/ ٢٥٩) وابن حبان ١٣٤٦ وابن الجارود ٨٣ والبيهقي (١/ ٥٨ و٦٠) من طرق عن يحيى القطان عن سليمان التيمي عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عن الحسن عن ابن المغيرة بن شعبة عن أبيه به.
وأخرجه البخاري ١٨٢ و٢٠٣ و٣٦٣ و٢٩١٨ و٤٤٢١ و٥٧٩٨ ومسلم ٢٧٤ وأبو داود ١٤٩ و١٥٠ والترمذي ١٠٠ والنسائي (١/ ٦٣ و٧٦ و٨٢ و٨٣) وابن ماجه ٥٤٥ ومالك (١/ ٣٥ و٣٦) والشافعي (١/ ٣٢) والحميدي ٧٥٧ وعبد الرزاق ٧٤٧ و٧٤٨ و٧٤٩ و٧٥٠ وابن أبي شيبة (١/ ١٧٦ و١٧٨ و١٧٩) وأحمد (٤/ ٨٤٤ و٢٤٦ و٢٤٧، ٢٥٤) وأبو عوانة (١/ ٢٥٧ و٢٥٨) وابن حبان ١٣٤٧ وابن الجارود ٨٣ و٨٥ والطبراني في «الكبير» (٢٠/ ٨٥٨ و٨٧٢، ٨٧٧) و (١٠٢٨، ١٠٣١) وأبو نعيم في «الحلية» (٧/ ٣٣٥) والبيهقي (١/ ٢٧١ و٢٧٤ و٢٨٣) من طرق عن المغيرة به.


الصفحة التالية
Icon