سَقَطَ عَنْهُ بِمَسْحِ النَّاصِيَةِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَسْحَ جَمِيعِ الرَّأْسِ غَيْرُ وَاجِبٍ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ وَحَفْصٌ وَأَرْجُلَكُمْ بِنُصْبِ اللَّامِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: «وَأَرْجُلِكُمْ» بِالْخَفْضِ، فَمَنْ قَرَأَ «وَأَرْجُلَكُمْ» بِالنَّصْبِ فَيَكُونُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ، أَيْ: وَاغْسِلُوا أَرْجُلَكُمْ، وَمَنْ قَرَأَ بِالْخَفْضِ فَقَدْ ذَهَبَ قَلِيلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّهُ يَمْسَحُ عَلَى الرجلين، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْوُضُوءُ غَسْلَتَانِ وَمَسْحَتَانِ، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: نَزَلَ جِبْرِيلُ بِالْمَسْحِ وَقَالَ: أَلَا تَرَى الْمُتَيَمِّمَ يَمْسَحُ مَا كَانَ غَسْلًا وَيُلْغِي مَا كَانَ مَسْحًا، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: يَتَخَيَّرُ الْمُتَوَضِّئُ بَيْنَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَبَيْنَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَذَهَبَ عَامَّةُ [١] أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنَ وَغَيْرِهِمْ إِلَى وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَقَالُوا: خَفْضُ اللَّامِ فِي الْأَرْجُلِ عَلَى مُجَاوَرَةِ اللَّفْظِ لَا عَلَى مُوَافَقَةِ الْحُكْمِ كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ [هود: ٢٦]، فَالْأَلِيمُ صِفَةُ الْعَذَابِ، وَلَكِنَّهُ أَخَذَ إِعْرَابَ الْيَوْمِ لِلْمُجَاوَرَةِ، وَكَقَوْلِهِمْ: جُحْرُ ضب خرب، فالخراب نعت الجحر، وَأَخَذَ إِعْرَابَ الضَّبِّ لِلْمُجَاوَرَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ مَا:
«٧٦٤» أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْحُمَيْدِيُّ الْخَطِيبُ أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ [مُحَمَّدُ بن

٧٦٤- إسناده صحيح، مسدد هو ابن مسرهد، روى له البخاري ومن فوقه على شرطهما، أبو عوانة هو وضاح بن عبد الله اليشكري، أبو بشر هو جعفر بن إياس اليشكري.
وهو في «شرح السنة» ٢٢٠ بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي (١/ ٦٨) من طريق الحجبي ومسدد بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري ٩٦ عن مسدد عن أبي عوانة به.
وأخرجه البخاري ٦٠ و١٦٣ ومسلم ٢٤١ ح ٢٧ وأحمد (٢/ ٢١١ و٢٢٦) والطحاوي في «المعاني» (١/ ٣٩) من طرق عن أبي عوانة به.
وأخرجه أحمد (٢/ ٢٠٥) والطبري ١١٥٢٥ من طريق مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عن أبي بشر عن رجل من أهل مكة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.
وأخرجه مسلم ٢٤١ وأبو داود ٩٧ والنسائي (١/ ٧٧) وابن ماجه ٤٥٠ وابن أبي شيبة (١/ ٢٦) وأحمد (٢/ ١٩٣) وابن حبان ١٠٥٥ والطبري ١١٥٢٣ و١١٥٢٦ من طرق عن سفيان الثوري عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي يحيى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو به.
وأخرجه الطيالسي (١/ ٥٣) وأحمد (٢/ ٢٠١) والدارمي (١/ ١٧٩) والطبري ١١٥٢٤ و١١٥٢٥ والطحاوي (١/ ٣٩) من طرق عن منصور بالإسناد السابق.
والحديث ورد عن عدّة من الصحابة فقد:
أخرجه مسلم ٢٤٠ وأحمد (٦/ ٨١ و٨٤) والشافعي (١/ ٣١) والطيالسي ١٥٥٢ والطبري ١١٥٨ و١١٥٩ و١١٥١٠ والطحاوي (١/ ٣٨) والبيهقي (١/ ٦٩) وفي «المعرفة» (١/ ٢١٥) من طرق عن سالم الدوسي عن عائشة.
وأخرجه ابن ماجه ٤٥٢ وأحمد (٦/ ٤١) والحميدي (١/ ٨٧) وابن أبي شيبة (١/ ٢٦) وابن حبان ١٠٥٩ والطبري ١١٥١١ و١١٥١٢ والطحاوي (١/ ٣٨) والبيهقي في «المعرفة» (١/ ٢١٥) من طرق عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي سلمة عن عائشة مرفوعا.
وأخرجه البخاري ١٦٥ ومسلم ٢٤٢ والنسائي (١/ ٧٧) وعبد الرزاق ٦٢ وابن أبي شيبة (١/ ٢٦) وأحمد (٤/ ٤٠٩ و٤٣٠ و٤٩٨) والدارمي (١/ ١٧٩) والطحاوي (١/ ٣٨) وابن حبان ١٠٨٨ من طرق عن محمد بن زياد عن أبي هريرة مرفوعا.
(١) في المطبوع «جماعة».


الصفحة التالية
Icon