مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَقَالَ: «ألا تصليان؟» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَنْفُسَنَا بِيَدِ اللَّهِ فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قُلْتُ لَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا، ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُوَلٍّ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَهُوَ يَقُولُ: وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى، الْقُرْآنُ وَالْإِسْلَامُ وَالْبَيَانُ مِنَ الله عزّ وجلّ. وقيل: إِنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ، يَعْنِي سُنَّتَنَا فِي إِهْلَاكِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا. وَقِيلَ إِلَّا طَلَبَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ مِنْ مُعَايَنَةِ الْعَذَابِ، كما قالوا: وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ [الْأَنْفَالِ: ٣٢] أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلًا، قَالَ ابن عباس: عَيَانًا مِنَ الْمُقَابَلَةِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: فَجْأَةً، وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ:
«قُبُلًا» بِضَمِّ الْقَافِ وَالْبَاءِ، جَمْعُ قَبِيلٍ أَيْ: أَصْنَافُ الْعَذَابِ نَوْعًا نَوْعًا.
وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ، وَمُجَادَلَتُهُمْ قَوْلُهُمْ: أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا [الإسراء: ٩٤]. ولَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ
[الزُّخْرُفِ: ٣١]، وَمَا أَشْبَهَهُ [١]. لِيُدْحِضُوا، لِيُبْطِلُوا، بِهِ الْحَقَّ، وَأَصْلُ الدَّحْضِ الزَّلَقُ يُرِيدُ لِيُزِيلُوا بِهِ الْحَقَّ، وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً، فِيهِ إِضْمَارٌ يَعْنِي وَمَا أُنْذِرُوا بِهِ وَهُوَ الْقُرْآنُ، هزوا أي استهزاء.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٥٧ الى ٦٠]
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً (٥٧) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (٥٨) وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً (٥٩) وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً (٦٠)
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ، وُعِظَ، بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها، تَوَلَّى عَنْهَا وَتَرَكَهَا وَلَمْ يُؤْمِنْ بِهَا، وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَداهُ، أَيْ مَا عَمِلَ مِنَ الْمَعَاصِي مِنْ قَبْلُ، إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً، أَغْطِيَةً، أَنْ يَفْقَهُوهُ، أَيْ: يَفْهَمُوهُ يُرِيدُ لِئَلَّا يَفْهَمُوهُ، وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً، أَيْ صَمَمًا وَثِقَلًا، وَإِنْ تَدْعُهُمْ، يَا مُحَمَّدُ إِلَى الْهُدى، إلى الدين [الحق] [٢]، فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً، وَهَذَا فِي أَقْوَامٍ عَلِمَ اللَّهُ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ.
وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ، ذُو النِّعْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ، يُعَاقِبُ الْكُفَّارَ، بِما كَسَبُوا، مِنَ الذُّنُوبِ لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ، فِي الدُّنْيَا، بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ، يَعْنِي الْبَعْثَ وَالْحِسَابَ، لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا، ملجأ.
- رواه المصنف من طريق البخاري، وهو في «صحيحه» ١١٢٧ عن أبي اليمان بهذا الإسناد.
- وأخرجه البخاري ٤٧٢٤ و٧٣٤٧ و٧٤٦٥ ومسلم ٧٧٥ والنسائي ٣/ ٢٠٥ وأحمد ١/ ٩١ و١١٢ وابن حبان ٢٥٦٦ وأبو عوانة ٢/ ٢٩٢ وابن خزيمة ١١٣٩ والبيهقي ٢/ ٥٠٠ من طرق عن الزهري به.
(١) في المخطوط «أشبهها».
(٢) زيادة عن المخطوط.