فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ [النُّورِ: ٦١]. وَقالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ، أَيْ: كَذِبٌ بيّن.
لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ [أَيْ] [١] عَلَى مَا زَعَمُوا، فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَصِيرُونَ عِنْدَ اللَّهِ كَاذِبِينَ إِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ وَمَنْ كَذَبَ فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ كَاذِبٌ سَوَاءٌ أَتَى بِالشُّهَدَاءِ أَوْ لَمْ يَأْتِ؟ قِيلَ: عِنْدَ اللَّهِ أَيْ فِي حُكْمِ اللَّهِ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ كَذِّبُوهُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ. وَقِيلَ: هَذَا فِي حَقِّ عَائِشَةَ وَمَعْنَاهُ أُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ في غيبي وعلمي.
وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ، خُضْتُمْ، فِيهِ، مِنَ الْإِفْكِ، عَذابٌ عَظِيمٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْ: عَذَابٌ لَا انْقِطَاعَ لَهُ يَعْنِي فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ عَذَابَ الدُّنْيَا مِنْ قَبْلُ، فَقَالَ تَعَالَى: وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ [النور: ١١]، وقد أصابه [٢] فإنه قد جلد وحدّ.
«١٥٠٥» وقد روت عَمْرَةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ حَدَّ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ وَحَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ وَمِسْطَحَ بْنَ أثاثة وحمنة بنت جحش.
قوله تعالى: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ، قَالَ مُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلٌ: يَرْوِيهِ بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ وَقَالَ الْكَلْبِيُّ:
وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ يَلْقَى الرجل فيقول [له] [٣] بَلَغَنِي كَذَا وَكَذَا يَتَلَقَّوْنَهُ تَلَقِّيًا، [وكذا قرأه أبيّ بن كعب] [٤] وَقَالَ الزُّجَاجُ: يُلْقِيهِ بَعْضُكُمْ إِلَى بعض، قرأت عَائِشَةُ «تَلِقَوْنَهُ» بِكَسْرِ اللَّامِ وَتَخْفِيفُ الْقَافِ مِنَ الْوَلَقِ وَهُوَ الْكَذِبُ، وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً، تَظُنُّونَ أَنَّهُ سَهْلٌ لَا إِثْمَ فِيهِ، وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ، فِي الوزر.
وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ، اللفظ هاهنا بمعنى التعجب، هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ، يعني كَذِبٌ عَظِيمٌ يَبْهَتُ وَيَتَحَيَّرُ مِنْ عَظَمَتِهِ. وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّ أُمَّ أَيُّوبَ قَالَتْ لِأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ: أَمَا بَلَغَكَ مَا يَقُولُ النَّاسُ فِي عَائِشَةَ؟ فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ عَلَى وِفْقِ قَوْلِهِ.
يَعِظُكُمُ اللَّهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: يُحَرِّمُ اللَّهُ عَلَيْكُمُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَنْهَاكُمُ اللَّهُ. أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ.
وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ، بالأمر وَالنَّهْيِ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِأَمْرِ عَائِشَةَ وصفوان بن المعطل، حَكِيمٌ، حكم ببراءتهما.
[سورة النور (٢٤) : الآيات ١٩ الى ٢١]
إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (١٩) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (٢٠) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢١)

١٥٠٥- ضعيف. أخرجه البيهقي في «الدلائل» ٤/ ٧٤ من طريق أحمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أسعد بن زرارة عن عائشة به، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث، لكن أحمد بن عبد الجبار ضعيف، وشيخه فيه ضعف، والوهن فقط بذكر ابن سلول، فإنه لم يحدّ، فهو الذي تولى كبره، حيث كان له منعة من قومه.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «أصابهم».
(٣) زيد في المطبوع.
(٤) زيد في المطبوع.


الصفحة التالية
Icon