«١٥٢٨» وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ أَحَبَّ فِطْرَتِي فَلْيَسْتَنَّ بِسُنَّتِي، وَمِنْ سُنَّتِي النِّكَاحُ».
أَمَّا مَنْ لَا تَتُوقُ نَفْسُهُ إِلَى النِّكَاحِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ فَالتَّخَلِّي لِلْعِبَادَةِ لَهُ أَفْضَلُ مِنَ النِّكَاحِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَعِنْدَ أَصْحَابِ الرَّأْيِ النِّكَاحُ أَفْضَلُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَبْدًا كَرَّمَهُ فَقَالَ:
وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ [آلِ عِمْرَانَ: ٣٩]، وَالْحَصُورُ الَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاءَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ الْقَوَاعِدَ مِنَ النِّسَاءِ وَلَمْ يَنْدُبْهُنَّ إِلَى النِّكَاحِ في الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَزْوِيجَ النِّسَاءِ الْأَيَامَى إِلَى الْأَوْلِيَاءِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَاطَبَهُمْ بِهِ.
كَمَا أَنَّ تَزْوِيجَ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ إِلَى السادات، لقوله تعالى: وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ وَشُرَيْحٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَجَوَّزَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ لِلْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ تَزْوِيجَ نَفْسِهَا، وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ دنيئة جاز لَهَا تَزْوِيجُ نَفْسِهَا، وَإِنْ كَانَتْ شَرِيفَةً فَلَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ شَرْطٌ مِنْ جِهَةِ الْأَخْبَارِ مَا:
«١٥٢٩» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَنَا [أَبُو] [١] مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَخْلَدِيُّ أَنَا أبو العباس

١٥٢٨- حسن بشواهده. أخرجه عبد الرزاق ١٠٣٧٨ وسعيد بن منصور ٤٨٧ وأبو يعلى ٢٧٤٨ والبيهقي ٧/ ٧٨ والواحدي في «الوسيط» ٣/ ٣١٨ عن عبيد بن سعد مرسلا ورجاله ثقات.
- وذكره الحافظ في «المطالب العالية» ١٥٨٦ ونقل الشيخ الأعظمي قول البوصيري: رواه أبو يعلى والبيهقي مرسلا بسند صحيح اهـ.
- وقال الهيثمي في «المجمع» ٤/ ٢٥٢: رجاله ثقات إن كان عبيد بن سعد صحابي، وإلا فهو مرسل اهـ.
- وله شاهد من حديث أبي هريرة بلفظ «من أحب فطرتي فليتبين سنتي، وإن من سنتي النكاح» أخرجه ابن عدي في «الكامل» ٧/ ٨٧ وفي إسناده واصل بن عبد الرحمن أبو حرّة.
وثقه أحمد وابن معين، وذكره ابن حبان في «الثقات». وضعفه النسائي وابن سعد وقال البخاري: يتكلمون فيه اهـ.
«التهذيب».
- الخلاصة: للحديث شواهد كثيرة تعضده، فهو حسن إن شاء الله، والله أعلم.
١٥٢٩- إسناده صحيح، أبو العباس السراج ثقة، وقد توبع ومن دونه، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
- أبو عوانة هو وضاح اليشكري، أبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السّبيعي- وهو في «شرح السنة» ٢٢٥٤ بهذا الإسناد.
- وأخرجه الترمذي ١١٠١ عن قتيبة بهذا الإسناد.
- وأخرجه ابن ماجه ١٨٨١ والطيالسي ٥٢٣ والحاكم ٢/ ١٧١ والطحاوي في «المعاني» ٣/ ٩ والبيهقي ٧/ ١٠٧ من طرق عن أبي عوانة به.
- وأخرجه أبو داود ٢٠٨٥ والترمذي ١١٠١ وابن الجارود ٧٠١ والحاكم ٢/ ١٧١ والبيهقي ٧/ ١٠٩ من طريق يونس بن أبي إسحاق عن أبيه به.
- وأخرجه ابن حبان ٤٠٧٧ والحاكم ٢/ ١٧١ وابن الجارود ٧٠٣ والبيهقي ٧/ ١٠٧ من طريق زهير بن معاوية.
- وأخرجه ابن الجارود ٧٠٤ والطحاوي ٣/ ٩ والحاكم ٢/ ١٦٩ والبيهقي ٧/ ١٠٩ من طريق سفيان الثوري.
- وأخرجه الطحاوي ٣/ ٩ والبيهقي ٧/ ١٠٨ من طريق قيس بن الربيع.
(١) سقط من المطبوع.


الصفحة التالية
Icon