حَتَّى تَفْعَلَاهُ كَرْهًا فَأَجَابَتَا بِالطَّوْعِ، وقالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ، وَلَمْ يَقُلْ طَائِعَتَيْنِ لأنه ذهب به إلى السموات وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، مَجَازُهُ: أَتَيْنَا بِمَا فِينَا طَائِعِينَ، فَلَمَّا وَصَفَهُمَا بِالْقَوْلِ أَجْرَاهُمَا فِي الْجَمْعِ مُجْرَى من يعقل.
[سورة فصلت (٤١) : الآيات ١٢ الى ١٧]
فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ (١٣) إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (١٤) فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (١٥) فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ (١٦)
وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٧)
فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ، أَيْ أَتَمَّهُنُ وَفَرَغَ مِنْ خَلْقِهِنَّ، وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها، قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: خَلَقَ فِي كُلِّ سَمَاءٍ خَلْقَهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْبِحَارِ وَجِبَالِ الْبَرَدِ وَمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: يَعْنِي خَلَقَ فِيهَا شَمْسَهَا وَقَمَرَهَا وَنُجُومَهَا. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: وَأَوْحَى إِلَى كُلِّ سَمَاءٍ مَا أَرَادَ مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَالْجُمْعَةِ. وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ، وكواكب، وَحِفْظاً، لَهَا وَنَصَبَ حِفْظًا عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيْ حَفِظْنَاهَا بِالْكَوَاكِبِ حِفْظًا مِنَ الشَّيَاطِينِ الَّذِينَ يَسْتَرِقُّونَ السَّمْعَ، ذلِكَ، الَّذِي ذُكِرَ مِنْ صُنْعِهِ، تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ، فِي مِلْكِهِ، الْعَلِيمِ، بخلقه.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَإِنْ أَعْرَضُوا، يَعْنِي هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ عَنِ الْإِيمَانِ بَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ، فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ، خَوَّفْتُكُمْ، صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ، أَيْ هَلَاكًا مِثْلَ هَلَاكِهِمْ، وَالصَّاعِقَةُ الْمُهْلِكَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
إِذْ جاءَتْهُمُ، يعني عادا وثمودا، الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ، أَرَادَ بِقَوْلِهِ: مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ الرُّسُلَ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَى آبَائِهِمْ مِنْ قَبْلِهِمْ، وَمِنْ خَلْفِهِمْ يعني من بَعْدِ الرُّسُلِ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَى آبَائِهِمُ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَيْهِمْ هُودٌ وَصَالِحٌ، فَالْكِنَايَةُ فِي قَوْلِهِ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ رَاجِعَةٌ إِلَى عَادٍ وَثَمُودَ وَفِي قَوْلِهِ وَمِنْ خَلْفِهِمْ راجعة إلى الرسل، أَلَّا، بِأَنْ لَا، تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ، بَدَلَ هَؤُلَاءِ الرُّسُلِ، مَلائِكَةً، أَيْ لَوْ شَاءَ رَبُّنَا دَعْوَةَ الْخَلْقِ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً، فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ.
«١٨٦٢» أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشُّرَيْحِيُّ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ [١] الْأَصْفَهَانِيُّ ثنا أحمد بن

١٨٦٢- حديث حسن بشواهده. إسناده ضعيف لضعف الحماني، وهو يحيى بن عبد الحميد، لكن توبع عند أبي يعلى وغيره، وفيه الأجلح وثقه ابن معين وغيره، وضعفه النسائي وغيره، قاله الهيثمي في «المجمع» ٦/ ٢٠.
- ابن فضيل هو محمد، الأجلح هو ابن عبد الله.
- وأخرجه البيهقي في «الدلائل» ٢/ ٢٠٢- ٢٠٤ من طريق يحيى بن معين عن محمد بن فضيل بهذا الإسناد.
- وأخرجه أبو يعلى ١٨١٨ من وجه آخر عن علي بن مسهر به.
- وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» ١٤/ ٢٩٥ ومن طريقه عبد بن حميد في «المنتخب» ١١٢٣ وأبو نعيم ١٨٢، عن علي بن مسهر عن الأجلح بهذا الإسناد.
- وأخرجه الحاكم ٢/ ٢٥٣ من وجه آخر عن جعفر بن عون عن الأجلح به، وصححه، ووافقه الذهبي، وقال الحافظ ابن كثير ٤/ ١٠٧- ١٠٨: سياق البغوي أشبه من سياق البزار وأبي يعلى، وانظر ما بعده.
(١) في المخطوط (ب) «خالد» والمثبت عن «ط» والمخطوط (أ). [.....]


الصفحة التالية
Icon