إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا ألا ترون ما قد لَقِيتُ؟ وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللَّهِ.
«١٩٧٣» وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا أَبَا جَنْدَلٍ احْتَسِبْ فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ لَكَ وَلِمَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا، إِنَّا قَدْ عَقَدْنَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ عَقْدًا وَصُلْحًا وَإِنَّا لَا نَغْدِرُ» فَوَثَبَ عُمَرُ يَمْشِي إِلَى جَنْبِ أَبِي جَنْدَلٍ، فقال: اصْبِرْ فَإِنَّمَا هُمُ الْمُشْرِكُونَ وَدَمُ أَحَدِهِمْ كَدَمِ كَلْبٍ وَيُدْنِي قَائِمَ السَّيْفِ مِنْهُ، قَالَ عُمَرُ:
رَجَوْتُ أَنْ يَأْخُذَ السَّيْفَ فَيَضْرِبَ بِهِ أَبَاهُ [١] فَضَنَّ الرَّجُلُ بِأَبِيهِ، وَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجُوا وَهُمْ لَا يَشُكُّونَ فِي الْفَتْحِ لِرُؤْيَا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ دَخَلَ النَّاسَ أَمْرٌ عَظِيمٌ حَتَّى كَادُوا يَهْلَكُونَ، وَزَادَهُمْ أَمْرُ أَبِي جَنْدَلٍ شَرًّا إِلَى مَا بِهِمْ.
قَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا شَكَكْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ إِلَّا يَوْمَئِذٍ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرِ [٢]، وَرَوَاهُ أَبُو وَائِلٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: أَلَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ:: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذَنْ؟ قَالَ: إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَلَسْتُ أَعْصِيهِ وَهُوَ نَاصِرِي، قُلْتُ: أو ليس كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: بَلَى، أَفَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ الْعَامَ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَوِّفٌ بِهِ، قال: فأتيت أبا بكر: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا؟ قَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ لَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ وَهُوَ ناصره، فاستمسك بغرزه فو الله إِنَّهُ عَلَى الْحَقِّ، قُلْتُ: أَلَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: بَلَى، أَفَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَوِّفٌ بِهِ [٣].
قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ عُمَرُ: فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالًا، قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: قُومُوا فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا، قال: فو الله ما قام منهم رجل، حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ قَامَ فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَتُحِبُّ ذَلِكَ؟ اخْرُجْ ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ، نحر بدنه ودعا حالقه وفحلقه، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَقْتُلَ بَعْضًا غمّا وحزنا.
«١٩٧٤» قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ: حَلَقَ رِجَالٌ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَصَّرَ آخَرُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم:
١٩٧٤- صدره صحيح، وعجزه ضعيف، والصحيح موقوف.
حديث ابن عباس أخرجه أبو يعلى ٢٧١٨ وأحمد ١/ ٣٥٣ والطبراني ١١١٥٠ والطحاوي في «المشكل» ١٣٦٤ و١٣٦٥ من طريق مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الله بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابن عباس بتمامه.
- وهو معلول، فابن إسحق، وإن صرح بالتحديث، فقد اضطرب فيه حيث رواه غير واحد عنه فجعل عجزه موقوفا، كذا أخرجه ابن ماجه ٣٠٤٥ والطحاوي ١٣٦٦ والبيهقي ٤/ ١٥١ وصححه البوصيري في الزوائد، وهو الصواب.
(١) تصحّف في المطبوع إلى «إيّاه».
(٢) تصحّف في المطبوع إلى «المثور».
(٣) في المطبوع «تطوف» والمثبت عن المخطوط و «صحيح البخاري».