لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ.
(الْمُفْرَدَاتُ) الرُّشْدُ - بِالضَّمِّ وَالتَّحْرِيكِ - إِصَابَةُ وَجْهِ الْأَمْرِ وَمَحَجَّةِ الطَّرِيقِ، وَالْهُدَى: إِصَابَةُ الثَّانِي، فَهُوَ أَخَصُّ مِنَ الرُّشْدِ، وِمِثْلُهُ الرَّشَادُ، وَيُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَضِدُّهُ الْغَيُّ، وَالطَّاغُوتُ: مَصْدَرُ الطُّغْيَانِ وَمَبْعَثُهُ، وَهُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فِي الشَّيْءِ وَهُوَ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ كَالْمَلَكُوتِ مِنَ الْمُلْكِ، أَوْ مَصْدَرٌ. وَيَصِحُّ فِيهِ التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ وَالْإِفْرَادُ وَالْجَمْعُ بِحَسَبِ الْمَعْنَى. وَالْعُرْوَةُ مِنَ الدَّلْوِ وَالْكُوزِ: الْمَقْبَضُ، وَمِنَ الثَّوْبِ: مَدْخَلُ الزِّرِّ، وَمِنَ الشَّجَرِ: الْمُلْتَفُّ الَّذِي تَشْتُو فِيهِ الْإِبِلُ فَتَأْكُلُ مِنْهُ حَيْثُ لَا كَلَأَ وَلَا نَبَاتَ، أَوْ هُوَ مَا لَا يَسْقُطُ وَرَقُهُ كَالْأَرَاكِ وَالسِّدْرِ، أَوْ مَا لَهُ أَصْلٌ بَاقٍ فِي الْأَرْضِ. أَقْوَالٌ يَدُلُّ مَجْمُوعُهَا عَلَى أَنَّ الْعُرْوَةَ هِيَ مَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنَ الشَّجَرِ فِي كُلِّ فَصْلٍ لِثَبَاتِهِ وَبَقَائِهِ. وَقَالُوا: إِذَا أَمْحَلَ النَّاسُ عَصَمَتِ الْعُرْوَةُ الْمَاشِيَةَ ; يَعْنُونَ مَا لَهُ أَصْلٌ بَاقٍ كَالنَّصِيِّ وَالْعَرْفَجِ وَأَجْنَاسِ الْخَلَّةِ وَالْحَمْضِ. وَالْوُثْقَى: مُؤَنَّثُ الْأَوْثَقِ، وَهُوَ الْأَشَدُّ الْأَحْكَمُ، وَالْمُوَثَّقُ مِنَ الشَّجَرِ: مَا يُعَوِّلُ عَلَيْهِ النَّاسُ
إِذَا انْقَطَعَ الْكَلَأُ وَالشَّجَرُ. وَأَرْضٌ وَثِيقَةٌ: كَثِيرَةُ الْعُشْبِ يُوثَقُ بِهَا. وَالِانْفِصَامُ: الِانْكِسَارُ وَالِانْقِطَاعُ، مُطَاوِعُ فَصَمَهُ، أَيْ كَسَرَهُ أَوْ قَطَعَهُ وَلَمْ يَبْنِهِ.
(سَبَبُ النُّزُولِ) رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَكُونُ مِقْلَاةً (أَيْ لَا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ) فَتَجْعَلُ عَلَى نَفْسِهَا إِنْ عَاشَ لَهَا أَنْ تُهَوِّدَهُ، فَلَمَّا أُجْلِيَتْ بَنُو النَّضِيرِ كَانَ فِيهِمْ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ، فَقَالُوا: لَا نَدَعُ أَبْنَاءَنَا، فَأَنْزَلَ اللهُ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ فِي رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ يُقَالُ لَهُ الْحُصَيْنُ