(٥٦: ٦٤) وَلَا الْمَاكِرِ مِنْ قَوْلِهِ: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (٣: ٥٤) وَلَا الْمُخَادِعِ أَوِ الْخَادِعِ مِنْ: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ (٤: ١٤٢) وَلَكِنْ عَدُّوا مِنْهَا بَعْضَ الصِّفَاتِ الْمُضَافَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّدِيدِ وَالرَّفِيعِ وَالْقَائِمِ وَالْفَاطِرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ أَنَّ هَذِهِ ذُكِرَتْ فِي سِيَاقِ الثَّنَاءِ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَأَمَّا تِلْكَ فَذُكِرَتْ فِي سِيَاقِ الِاحْتِجَاجِ أَوْ مِنْ بَابِ الْمُشَاكَلَةِ، وَاسْمُ الصِّفَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَدُلَّ عَلَى الْكَمَالِ بِمُجَرَّدِ إِطْلَاقِهِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْهُ.
وَقَدِ اتَّفَقَ أَهْلُ الْحَقِّ عَلَى أَنَّ أَسْمَاءَهُ وَصِفَاتِهِ تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ، وَنَصُّوا عَلَى إِثْبَاتِ
كُلِّ مَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ دُعَاءً وَوَصْفًا لَهُ، وَإِخْبَارًا عَنْهُ، وَعَلَى مَنْعِ كُلِّ مَا دَلَّ عَلَى مَنْعِهِ، وَمِنْهُ كُلُّ مَا يُسَمَّى إِلْحَادًا فِي أَسْمَائِهِ، وَكُلُّ مَا أَوْهَمَ نَقْصًا أَوْ كَانَ مُنَافِيًا لِلْكَمَالِ وَلِوَصْفِ الْحُسْنَى، وَقَدْ مَنَعَ جُمْهُورُ أَهْلِ السُّنَّةِ كُلَّ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الشَّارِعُ مُطْلَقًا، وَجَوَّزَ الْمُعْتَزِلَةُ مَا صَحَّ مَعْنَاهُ، وَدَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى اتِّصَافِهِ بِهِ، وَلَمْ يُوهِمْ إِطْلَاقُهُ نَقْصًا، وَالْفَلَاسِفَةُ أَوْسَعُ حُرِّيَّةً فِي هَذَا الْإِطْلَاقِ... وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ سِينَا:
| مُدِيرُ الْكُلِّ أَنْتَ الْقَصْدُ وَالْغَرَضُ | وَأَنْتَ عَنْ كُلِّ مَا قَدْ فَاتَنَا عِوَضُ |
| مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ خَرْدَلَةٍ | سَوِيَ جَلَالِكَ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ مَرَضُ |
وَأَقُولُ: إِنَّ لَفْظَيْ " خدا وتكرى " هُمَا الِاسْمُ الْعَلَمُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَخَالِقِ الْخَلْقِ، وَذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ التَّرْجَمَةِ لِاسْمِ الْجَلَالَةِ (اللهِ) وَلَيْسَ مِنْ إِطْلَاقِ اسْمٍ جَدِيدٍ عَلَيْهِ فَيَحْتَاجُ إِلَى نَصٍّ أَوْ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، وَمِثْلُهُ تَرْجَمَةُ مَا يُمْكِنُ تَرْجَمَتُهُ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَهُوَ الْمُشْتَرَكُ فِي اللُّغَاتِ، وَلَا سِيَّمَا الرَّاقِيَةَ مِنْهَا كَالْفَارِسِيَّةِ، فَهُوَ جَائِزٌ بِخِلَافِ تَرْجَمَةِ مَا لَا يُوجَدُ لَهُ مُرَادِفٌ فِي غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، كَالرَّحْمَنِ وَالْقَيُّومِ - كَمَا نَعْتَقِدُ - وَمَنَعَ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ (إِلْجَامِ الْعَوَامِّ) تَرْجَمَةَ