وأمته، بإحياء شرائع إبراهيم ودينه، وكان السعي بين الصفا والمروة من شعائر إبراهيم كما في قصة بناء الكعبة، وسعي هاجر بين الجبلين، فلما كان الأمر كذلك ذكر الله تعالى هذا الحكم عقيب تلك الآية «.
اللطيفة الثانية: السعيُ بين الصفا والمروة إمّا فرض أو واجب، أو مسنون، فكيف نفى الله تعالى الجناح (الإثم) عمن سعى بينهما؟
والجواب: إنه كان على الصفا صنم يقال له: (إساف) وعلى المروة صنم يقال له: (نائلة) كما قال ابن عباس وكان المشركون إذا طافوا تمسّحوا بهما، فخشي المسلمون أن يتشبهوا بأهل الجاهلية، وتحرجوا من الطواف لهذا السبب، فنزلت الآية تدفع الحرج عنهم، لأنهم إنما يسعون لله لا للأصنام.
اللطيفة الثالثة: الشكر معناه مقابلة النعمة والإحسان، بالثناء والعرفان، وهذا المعنى محال على الله، إذ ليس لأحد عنده يد ونعمة حتى يشكره عليها، فقوله تعالى: ﴿فَإِنَّ الله شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ محمول على الثواب والجزاء أي أنه تعالى يثيبه ولا يضيع أجر العاملين.
قال العلامة أبو السعود: «المعنى أنه تعالى مجازٍ له على الطاعة، عبّر عن ذلك بالشكر مبالغة في الإحسان على العباد»
فبهذا المعنى سميت مقابلة العامل بالجزاء الذي يستحقه شكراً، وسمى الله تعالى نفسه شاكراً، على سبيل المجاز.


الصفحة التالية
Icon