أ - أما الكتاب فقوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص فِي القتلى﴾ فقد أوجب الله المساواة، ثمّ بيّن هذه المساواة بقوله: ﴿الحر بِالْحُرِّ والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى﴾.
فالحرّ يساويه الحر، والعبد يساويه العبد، والأنثى تساويها الأنثى، فكأنه تعالى يقول: اقتلوا القاتل إذا كان مساوياً للمقتول، قالوا: ولا مساواة بين الحر والعبد فلا يقتل به، وكذلك لا مساواة بين المسلم والكافر فلا يقتل به.
ب - وأما السنة: فما رواه البخاري عن علي كرم الله وجهه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: «لا يُقتل مسلم بكافر».
ج - وأما المعقول: فقالوا: إن العبد كالسِّلعة والمتاع بسبب الرق الذي هو من آثار الكفر، والكافر كالدابة بسبب الكفر الذي طغى عليه، وقد قال تعالى: ﴿إِنَّ شَرَّ الدواب عِندَ الله الذين كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنفال: ٥٥] فكيف يُساوى المؤمن بالكافر، وكيف يقتل به؟.
أدلة الحنفية:
واستدل الحنفية على مذهبهم ببضعة أدلة نوجزها فيما يلي:
أولاً: قوله تعالى: ﴿ياأيها الذين آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص فِي القتلى... ﴾ إنّ الله أوجب قتل القاتل بصدر الآية، وهي عامة تعم كل قاتل سواءً كان حراً أو عبداً، مسلماً أو ذمياً، وأما قوله تعالى: ﴿الحر بِالْحُرِّ والعبد بالعبد... ﴾ إلخ فإنما هو لإبطال الظلم الذي كان عليه أهل الجاهلية، حيث كانوا يقتلون بالحر أحراراً، وبالعبد حراً، وبالأنثى يقتلون الرجل تعدياً وطغياناً، فأبطل الله ما كان من الظلم، وأكد القصاص على القاتل دون غيره كما فهم ذلك من سبب النزول وقد تقدم.
ثانياً: واستدلوا بقوله تعالى في سورة [المائدة: ٤٥] :{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ النفس


الصفحة التالية
Icon