فيه رأي الجمهور لا سيما بعد أن تأكد بالدليل الثابت «لا يُقتل مسلم بكافر» أخرجه البخاري.
وكما يقول ابن كثير رَحِمَهُ اللَّهُ: لا يصح حديث ولا تأويلٌ يخالف هذا.
ثمّ كيف يتساوى المؤمن مع الكافر، مع أن الكافر شرّ عند الله من الدابة؟ والمؤمن طيّب طاهر والله تعالى يقول: ﴿إِنَّمَا المشركون نَجَسٌ﴾ [التوبة: ٢٨] ويقول: ﴿قُل لاَّ يَسْتَوِي الخبيث والطيب﴾ [المائدة: ١٠٠]، فكيف نقتل مؤمناً طاهراً بمشرك نجس؟! فالراجح إن شاء الله في هذه المسألة قول الجمهور. وقد رأيت في بعض مراجعاتي قصة لطيفة وهي أن (أبا يوسف) القاضي من تلامذة الإمام أبي حنيفة، رفعت إليه قضية، تتلخص في أن مسلماً قتل ذمياً كافراً، فحكم عليه أبو يوسف بالقصاص، فبينما هو جالس ذات يوم، إذ جاءه رجل برقعةٍ فألقاها إليه ثم خرج، فإذا فيها هذه الأبيات:

يا قاتلَ المسلم بالكافرِ جرتَ وما العادلُ كالجائر
يا مَنْ ببغدادَ وأطرافِها من علماء الناسِ أو شاعرِ
استرجُعوا وابكُوا على دينكم واصطبروا فالأجرُ للصابر
جار على الدين أبو يوسف بقتله المؤمن بالكافر
فدخل أبو يوسف على الرشيد وأخبره الخبر، وأقرأه الرقعة فقال له الرشيد: تدارك هذا الأمر لئلا تكون فتنة.. فدعا أبو يوسف أولياء القتيل وطالبهم بالبينة على صحة الذمة وثبوتها، فلم يستطيعوا أن يثبتوا فأسقط القود وأمر بدفع الدية.


الصفحة التالية
Icon