فَلْيَصُمْهُ} يوجب الصوم، ولكنّا تركناه في ثلاثة الأيام للإجماع على الرخصة فيها، أما فيما دونها فمختلف فيه فوجب الصوم احتياطياً.
ثانياً: واحتج بقوله عليه السلام: «يمسح المقيم يوماً وليلة، والمسافر ثلاثة أيام ولياليها» فقد جعل الشارع علة المسح ثلاثة أيام السفرُ، والرخص لا تعلم إلاّ من الشرع، فوجب اعتبار الثلاث سفراً شرعياً.
ثالثاً: وبقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: «لا تسافر امرأة فوق ثلاثة أيام إلا ومعها ذو محرم» فتبيّن أن الثلاثة قد تعلق بها حكم شرعي، وغيرها لم يتعلق فوجب تقديرها في إباحة الفطر.
قال ابن العربي في تفسيره «أحكام القرآن» :«وثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنه قال:» لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلاّ ومعها ذو محرم «وفي حديث (سفر ثلاثة أيام) فرأى أبو حنيفة أن السفر يتحقق في أيام: يوم يتحمل فيه عن أهله، ويوم ينزل فيه في مستقره، واليوم الأوسط هو الذي يتحقق فيه السير المجرد، فرجل احتاط وزاد، ورجل ترخّص، ورجل تقصّر».
أقول: أمور العبادة ينبغي فيها الاحتياط، ولما ثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ منع المرأة من السفر مسيرة ثلاثة أيام، وثبت يوم وليلة وكلاهما في الصحيح، لذا كان العمل بالثلاث أحوط، فلعل ما ذهب إليه أبو حنيفة يكون أرجح والله أعلم.
الحكم الرابع: هل الإفطار للمريض والمسافر رخصة أم عزيمة؟
ذهب أهل الظاهر إلى أنه يجب على المريض والمسافر أن يفطرا، ويصوما عدة من أيام أخرى، وأنهما لو صاما لا يجزئ صومهما لقوله تعالى: {فَمَن كَانَ


الصفحة التالية
Icon