أمورهم بذكر الأصنام أو غيرها من المخلوقين الذين كانوا يعبدونهم، وفيها أمان للخائف ودلالة على انقطاع قائلها إلى الله تعالى، وفيها إقرار بالألوهية، واعتراف بالنعمة، واستعانة بالله تعالى، وفيها اسمان من أسمائه تعالى المخصوصة به وهما (الله) و (الرحمن).
اللطيفة السادسة: الألف واللام في (الحمد) لاستغراق الجنس، والمعنى لا يستحق الثناء الكامل، والحمد التام الوافي، إلاّ الله ربّ العالمين، فهو الإله المنعوت بصفات الكمال، المستحق لكل تمجيد وتعظيم وتقديس، والصيغة وردت معرّفة (الحمدُ لله) للإشارة إلى أنّ الحمد له تعالى أمر دائم مستمر، لا حادث متجدّد، فتدبره فإنه دقيق.
اللطيفة السابعة: فائدةٌ ذكر ﴿الرحمن الرَّحِيمِ﴾ : عقب لفظ ﴿رَبِّ العالمين﴾ هي أن لفظ (الربّ) ينبئ عن معنى الكبرياء، والسيادة، والقهر، فربمّا توهّم السامع أن هذا الربّ قهّار جبّار لا يرحم العباد فدخل إلى نفسه الفزع، واليأس، والقنوط، لذلك جاءت هذه الجملة لتؤكد أن هذا الرب - جلّ وعلا - رحمن رحيم، وأن رحمته وسعت كل شيء.
قال أبو حيّان: بدأ أولاً بالوصف بالربوبيّة، فإن كان الرب بمعنى السيّد، أو بمعنى المالك، أو بمعنى المعبود، كان صفة فعل للموصوف، فناسب ذلك الوصف بالرحمانية والرحيمية، لينبسط أمل العبد في العفو إن زلّ، ويقوى رجاؤه إن هفا.
قال ابن القيم: «وأما الجميع بين (الرحمن الرحيم) ففيه معنى بديع، وهو أنّ (الرحمن) دالّ على الصفة القائمة به سبحانه، و (الرحيم) دالّ على تعلقها بالمرحوم، وكأنّ الأول الوصفُ، والثاني الفعلُ، فالأول: دالّ على أن الرحمة صفته أي صفة ذات له سبحانه، والثاني: دال على أنه يرحم