العمر وهو سفيه الحلم يسرف ماله ويبذره فيجب الحجر عليه، وذلك أن الصبي إنما منع من ماله لفقد العقل الهادي إلى حفظ المال، وكيفية الانتفاع به، فإذا كان هذا المعنى قائماً بالشيخ والشاب، كانا في حكم الصبي فوجب أن يمنع دفع المال إليه ما لم يؤنس منه الرشد لظاهر الآية الكريمة.
وقد قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: «إن الرجل لتنبت لحيته ويشيب وإنه لضعيف الأخذ لنفسه ضعيف العطاء فيها».
الحكم الرابع: هل يباح للوصي أن يأكل من مال اليتيم؟
دلّ قوله تعالى: ﴿وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بالمعروف﴾ على أن للوصي أن يأكل من مال اليتيم إذا كان فقيراً بمقدار الحاجة من غير إسراف، وإذا كان غنياً وجب عليه أن يتعفف عن مال اليتيم، ويقنع بما رزقه الله من الغنى، وقد اتفق العلماء على جواز أخذ قدر الكفاية بالمعروف عند الحاجة واختلفوا هل عليه الضمان إذا أيسر؟
فذهب بعضهم إلى أنه لا ضمان عليه لأن الله تعالى أباح له الأكل بالمعروف فكان هذا مثل الأجرة، وهذا مروي عن الإمام أحمد رَحِمَهُ اللَّهُ.
وذهب آخرون إلى وجوب الضمان واستدلوا بما روي عن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أنه قال: «ألا إني أنزلت نفسي من مال الله منزلة الولي من مال اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف، فإذا أيسرتُ قضيت».
وقال الحنفية فيما رواه الجصاص عنهم أنه لا يأخذ على سبيل القرض، ولا على سبيل الابتداء سواءً كان غنياً أو فقيراً، واحتجوا بعموم الآيات ﴿وَآتُواْ اليتامى أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: ٢]، ﴿إِنَّ الذين يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليتامى﴾، ﴿وَأَن تَقُومُواْ لليتامى بالقسط﴾ [النساء: ١٢٧] ﴿وَلاَ تأكلوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بالباطل﴾ [البقرة: ١٨٨].