اللطيفة الرابعة: التنكير في قوله تعالى: ﴿مَّا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ﴾ وإدخال (مِنْ) على الجملة بعده في قوله (مِنْ قلبين) يفيد العموم والاستغراق، ومعنى الآية: ما خلقَ اللَّه لرجلٍ إطلاقاً، أي رجلٍ كان قلبين في جوفه. فهو نفي للشيء بطريق (التأكيد والاستغراق).
وذكرُ الجوف وإن كان من المعلوم أن ّ القلب لا يكون إلا بالجوف لزيادة التصوير في الإنكار، والتكذيب للمدّعى، فهو كقوله تعالى: ﴿ولكن تعمى القلوب التي فِي الصدور﴾ [الحج: ٤٦].
فإذا سمع الإنسان ذلك، تصوّر لنفسه جوفاً يشتمل على قلبين. فسارع عقله إلى إنكاره.
اللطيفة الخامسة: قوله تعالى: ﴿ذلكم قَوْلُكُم بأفواهكم﴾ فيه إشارة لطيفة إلى أنّ هذا القول مجرّد كلام صادر من الأفواه فقط، وليس له ظلّ من الحقيقة أو مصداق من الواقع. كما نقول: (هذا خبرٌ على ورق) أي ليس له وجود أو تطبيق.
قال الزمخشري: (من المعلوم أنّ القول لا يكون إلا بالفم. فلماذا ذكر قوله (بأفواهكم) ؟ الجواب: أنّ فيه إ شارة إلى أنّ هذا القول. ليس له من الحقيقة والواقع نصيب. إنما هو مجرد إدعاء باللسان. وقول مزعوم باطل نطقت به شفاههم دون أن يكون له نصيب من الصحة) والله أعلم.
اللطيفة السادسة: قوله تعالى: ﴿والله يَقُولُ الحق﴾ الآية.
قال الإمام الفخر: فيه إشارة إلى معنى لطيف. وهو أن العاقل ينبغي أن يكون قوله إما عن عقل. وإمّا عن شرع. وفي الدّعي (الولد المتبنّى) لم توجد الحقيقة. ولا ورد الشرع. فإنّ قولهم: هذه زوجة الابن المتبنّى فتحرم. والله تعالى يقول: هي لك حلال. فقولهم لا اعتبار به لأنه قول