أم هنّ أمهات الرجال؟ خاصة على قولين:
أ - فقيل إنه عام في الرجال والنساء.
ب - وقيل إنه خاص بالرجال فقط.
قال ابن العربي: وهو الصحيح، لأن المقصود بذلك إنزالهن منزلة أمهاتهم في الحرمة، والحلُّ غير متوقع بين النساء فلا يحجبن بينهن بحرمة، وقد روي أن امرأةً قالت لعائشة: يا أماه، فقالت لها: لستُ لك بأم إنما أنا أمّ رجالكم.
قال القرطبي: قلتُ لا فائدة في اختصاص الحصر في الإباحة للرجال دون النساء، والذي يظهر لي أنهن أمهات الرجال والنساء، تعظيماً لحقهن على الرجال والنساء، يدل على صدر الآية ﴿النبي أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ وهذا يشمل الرجال والنساء ضرورة، ويدل عليه قراءة أبيّ (وهو أب لهم) أقول: لعلّ الأرجح ما ذهب إليه القرطبي والله أعلم.
الحكم الثالث: هل تثبت الحرمة لجميع زوجات الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؟
استدل العلماء على حرمة نكاح زوجات الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بهذه الآية الكريمة وبقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ الله وَلاَ أَن تنكحوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً﴾ [الأحزاب: ٥٣] واختلف العلماء هل الحرمة ثابتة لكل زوجاته الطاهرات سواءً من طلّقت منهن ومن لم تطلّق؟ وسواءً أكانت مدخولاً بها أو غير مدخول بها؟ على مذهبين:
أ - ذهب الشافعي رَحِمَهُ اللَّهُ إلى أن المراد من أزواجه كل من أطلق عليها أنها زوجة له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سواءً طلَّقها أم لم يطلقها فيثبت الحكم لكلهن، وهذا ظاهر الآية الكريمة.
ب - وصحّح إمام الحرمين قصر التحريم على المدخول بها فقط،