أنها كانت من أجل إبطال بعض العادات الجاهلية المستنكرة، ونضرب لذلك مثلاً (بدعة التبني) التي كا ن يفعلها العرب قبل الإسلام، فقد كانت ديناً متوارثاً عندهم، يتبنّى أحدهم ولداً ليس من صلبه، ويجعله في حكم الولد الصلبي، ويتخذه ابناً حقيقياً له حكم الأبناء من النسب، في جميع الأحوال: في الميراث، والطلاق، والزواج، ومحرمات المصاهرة، ومحرمات النكاح، إلى غير ما هنالك مما تعارفوا عليه وكان ديناً تقليدياً متبعاً في الجاهلية.
كان الواحد منهم يتبنَّى ولد غيره فيقول له: «أنت ابني، أرثك وترثني» وما كان الإسلام ليقرّهم على باطل، ولا ليتركهم يتخبّطون في ظلمات الجهالة، فمهّد لذلك بأن ألهم رسوله عليه السلام أن يتبنّى أحد الأبناء - وكان ذلك قبل البعثة النبوية - فتبنّى النبي الكريم (زيد بن حارثه) وأصبح الناس يدعونه بعد ذلك اليوم (زيد بن محمد).
روى البخاري ومسلم: عن عبد الله بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما أنه قال: إنّ زيد بن حارثة مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ما كنّا ندعوه إلاّ زيد بن محمد، حتى نزل القرآن ﴿ادعوهم لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ الله﴾ [الأحزاب: ٥] فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: أنت زيد بن حارثه بن شراحبيل «.
وقد زوّجه عليه السلام بابنة عمته (زينب بنت جحش الأسدية) وقد عاشت معه مدةً من الزمن، ولكنها لم تطل فقد ساءت العلاقات بينهما، فكانت تغلظ له القول، وترى أنها أشرفُ منه، لأنه كان عبداً مملوكاً قبل أن يتبناه الرسول، وهي ذات حسبٍ ونسب.