ولحكمة: يريدها الله تعالى طلّق زيد زينب، فأمر الله رسوله أن يتزوجها ليبطل (بدعة التبني) ويقيم أسس الإسلام، ويأتي على الجاهلية من قواعدها. ولكنه عليه السلام كان يخشى من ألسنة المنافقين والفجّار، أن يتكلموا فيه ويقولوا: تزوّج محمد امرأة ابنه، فكان يتباطأ حتى نزل العتاب الشديد لرسول الله عليه السلام، وفي قوله جلّ وعلا:
﴿وَتَخْشَى الناس والله أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قضى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى المؤمنين حَرَجٌ في أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ الله مَفْعُولاً﴾
[الأحزاب: ٣٧].
وهكذا انتهى حكم التبني، وبطلت تلك العادات التي كانت متبعة في الجاهلية. وكانت ديناً تقليدياً لا محيد عنه، ونزل قوله تعالى مؤكداً هذا التشريع الإلهي الجديد: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ ولكن رَّسُولَ الله وَخَاتَمَ النبيين وَكَانَ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً﴾ [الأحزاب: ٤٠].
وقد كان هذا الزواج بأمرٍ من الله تعالى، ولم يكن بدافع الهوى والشهوة كما يقول بعض الأفّاكين المرجفين من اعداء الله، وكان لغرضٍ نبيل، وغاية شريفة هي إبطال عادات الجاهلية، وقد صرّح الله عَزَّ وَجَلَّ بغرض هذا الزواج بقوله: ﴿لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى المؤمنين حَرَجٌ في أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً... ﴾ [الأحزاب: ٣٧].
وقد تولى الله عزّ وجل تزويج نبيه الكريم بزينب، امرأة ولده من التبني ولهذا كانت تفخر على نساء النبي بهذا الزواج الذي قضى به رب العزّة من فوق سبع سماواته.
روى البخاري: يسنده أن (زينب) رَضِيَ اللَّهُ عَنْها كانت تفخر على أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وتقول: زوجكُنّ أهاليكن، وزوّجني الله من فوق سبع سموات.