فلما رأى بنو المصطلق هذا النبل والسمو، وهذه الشهامة والمروءة أسلموا جميعاً، ودخلوا في دين الله، وأصبحوا من المؤمنين.
فكان زواجه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بها بركة عليها وعلى قومها وعشيرتها، لأنه كان سبباً لإسلامهم وعتقهم، وكانت (جويرية) أيمن امرأة على قومها.
أخرج البخاري في «صحيحه» : عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أنها قالت: «أصاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نساءَ بني المصطلق، فأخرج الخُمُس منه ثمّ قسمه بين الناس، فأعطى الفرس سهمين، والرجل سهماً، فوقعت (جويرية بنت الحارث) في سهم ثابت بن قيس، فجاءت إلى الرسول فقالت: يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث سيّدِ قومه، وقد أصابني من الأمر ما قد علمتَ، وقد كاتبني ثابت على تسع أواق، فأعنّي على فَكَاكي، فقال عليه السلام: أو خير من ذلك؟ فقالت: ما هو؟ فقال: أوْدي عنك كتابَتاَك وأتزوجُك. فقالت: نعم يا رسول الله، فقال رسول الله قد فعلت».
وخرج الخبر إلى الناس فقالوا: أصهار رسول الله يُسْترقّون؟ فأعتقوا ما كان في أيديهم من سبي بني المصطلق، فبلغ عتقُهم مائةً بيت، بتزوجه عليه السلام بنتَ سيدِ قومه.
ثانياً: - وكذلك تزوجه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بالسيدة (صفية بنت حُيّي بن أخطب) التي أسرت بعد قتل زوجها في (غزوة خيبر) ووقعت في سهم بعض المسلمين فقال أهل الرأي والمشورة: هذه سيّدة بني قريظة، لا تصلح إلاّ لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فعرضوا الأمر على الرسول الكريم، فدعاها وخيّرها بين أمرين:
أ - إمّا أن يعتقها ويتزوجها عليه السلام فتكون زوجة له.
ب - وأمّا أن يُطْلِقَ سراحها فتلحق بأهلها.
فاختارت أن يعتقها وتكون زوجة له، وذلك لما رأته من جلالة قدره،


الصفحة التالية
Icon