ليس بقصد العلم والمعرفة، وإنما هو بقصد إثابة المؤمن، وتعذيب الكافر، بعد إقامة الحجة عليه، حتى يقطع العذر على الإنسان، أو نقول: إن الابتلاء غرضه الكشف للناس، أو للملائكة، ليظهر لهم الصادق من المنافق، والتقي من الشقي، وليس بالنسبة له تعالى، لأنه بكل شيء عليم.
اللطيفة السادسة: أمر الله تعالى بالمنّ أو الفداء، وهذا من مكارم الأخلاق التي أرشد إليها الإسلام، روي أن الحجّاج حين أسر أصحاب (عبد الرحمن بن الأشعث) وكانوا قريباً من خمسة آلاف رجل، قتل منهم ثلاثة آلاف فجاءه رجل من (كِنْدة) فقال يا حجّاج: لا جزاك الله عن السُنَّة والكرم خيراً ﴿قال: لأن الله تعالى يقول: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الذين كَفَرُواْ فَضَرْبَ الرقاب حتى إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ الوثاق فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً﴾ في حق الذين كفروا... فوالله ما مننتَ، ولا فديت؟ وقد قال شاعركم فيما وصف به قومه من مكارم الأخلاق:
ولا نقتل الأسرى ولكن نفكّهم | إذا أثقلَ الأعناق حملُ المغارم |
الأحكام الشرعية
الحكم الأول: ما المراد ب ﴿الذين كَفَرُواْ﴾ في الآية الكريمة؟
اختلف المفسرون في المراد من قوله تعالى: ﴿الذين كَفَرُواْ﴾ على قولين:
١ - القول الأول: أن المراد بهم المشركون الكفار عبدة الأوثان. وهذا مروي عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما.