من الكفر ومن رجس المشركين.
ج - وقالوا: إنّ ما روي في (أسرى بدر) منسوخ أيضاً بما تلونا، سيّما وأنه قد نزل العتاب في قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أسرى حتى يُثْخِنَ فِي الأرض﴾ [الأنفال: ٦٧].
فلا يجوز الاستدلال به على جواز أخذ الفداء.
د - وقالوا: إنّ ما كان من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في صلح الحديبية: «أنّ من جاء منهم رددناه عليهم» إنما كان في بدء الدعوة، وقد نسخ ذلك، ونَهَى النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن الإقامة بين أظهر المشركين وقال: «من أقام بين أظهر المشركين فقد برئت منه الذمة».
أدلة الجمهور:
واستدل الجمهور على جواز فداء الأسير بعدة أدلة نوجزها فيما يلي:
أ - قوله تعالى: ﴿فَشُدُّواْ الوثاق فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً﴾ فقد أجازت الآية الكريمة الفداء مطلقاً بدون قيد ولا شرط، فللإمام أن يمنّ أو يفدي، أو يسترقَّ، عملاً بالآية الكريمة.
ب - وقالوا: إنَّ الآية محكمة ولا نسخ فيها، لأن النسخ إنما يكون لشيء قاطع، فإذا أمكن العمل بالآيتين فلا معنى للقول بالنسخ، والجمعُ ممكن فإنّ آية براءة وهي قوله تعالى: ﴿فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] أمرٌ لنا بقتل المشركين عند اللقاء، فإذا وقعوا في الأسر كففنا عن القتل إلى المنّ أو الفداء عملاً بقوله تعالى: ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً﴾.
ج - واستدلوا أيضاً بأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فادى أسرى بدر بالمال، ومن لم يكن عنده مال منهم أمره عليه السلام بتعليم عشرة من أبناء المسلمين القراءة والكتابة، وهذا قد ثبت بفعله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ.
د - واستدلوا بما روى ابن المبارك عن عمران بن حصين أنه قال:


الصفحة التالية
Icon