لطائف التفسير
اللطيفة الأولى: لما نهى سبحانه وتعالى عباده المؤمنين عمَّا يكون سبباً للتباعض والتنافر، أمرهم في هذه الآيات بما يكون سبباً لزيادة المحبة والمودّة، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم شديدي الحرص على القر من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والجلوس بين يديه حرصاً على استماع كلامه، فأمروا بالتوسعة على إخوانهم في المجلس تطييباً لقلوبهم، وهذا هو السرّ في مجيء الآيات عقب آيات النهي عن التناجي بالإثم والعدوان.
اللطيفة الثانية: ذكر تعالى في أول الآية مكانة المؤمنين، ثمّ عطف عليها بذكر مكانة العلماء، والعطفُ في مثل هذا الموطن هو من باب (عطف الخاص على العام) تعظيماً لشأن العلماء، والعطفُ في مثل هذا الموطن هو من باب (عطف الخاص على العام) تعظيماً لشأن العلماء كأنهم جنس آخر، ولذا أعيد اسم لموصول في النظم الكريم في قوله تعالى: ﴿والذين أُوتُواْ العلم درجات﴾.
اللطيفة الثالثة: الأمر للمؤمنين بالصدقة عند مناجاة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فيه فوائد عديدة:
أولها: تعظيم الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وتعظيم مناجاته.
ثانيها: نفع كثير من الفقراء بتلك الصدقة.
ثالثها: الزجر عن الإفراط في الأسئلة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
رابعها: التمييز بين المخلص والمنافق، ومحب الدنيا ومحب الآخرة.
اللطيفة الرابعة: قوله تعالى: ﴿فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ : في هذا اللفظ استعارة يسميها علماء البلاغة (استعارة تمثيلية) وأصل التركيب يستعمل فيمن له يدان كالإنسان فقد استعار اليدين للنجوى، وقيل إنها (استعارة مكنية) حيث شبّه النجوى بإنسان، وحذف المشبّه به وهو الإنسان، ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو اليدان على سبيل الاستعارة المكنية ومثله قوله تعالى: ﴿بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ [سبأ: ٤٦] وذكر اليدين تخييل.