اللطيفة الخامسة: أشاد القرآن بمنزلة العلماء الرفيعة، ومكانتهم السامية عند الله تعالى، ويكفيهم هذا الشرف والفخر وقد قال عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: «من جاءه الموت وهو يطلب العلم ليُحيي به الإسلام، فبَيْنه وبين النبيّين درجة» وقد ذكر بعض الظرفاء مناظرة رمزية بين (العقل والعلم) نذكرها لطرافتها قال بعض الأدباء:
علمُ العليم وعقلُ العاقل اختلفا... من ذا الذي منهما قد أحرز الشرفا؟
فالعلم قال: أنا أدركتُ غايته... والعقل قال: أنا الرحمن بي عُرفا
فأفصح العلمُ إفصاحاً وقال له:... بأيّنا الله في فرقانه اتصفا؟
فبان للعقل أنَّ (العلمَ) سيّدُه... فقبّلَ (العقلُ) رأسَ العلم وانصرفا
الأحكام الشرعية
الحكم الأول: ما المراد ب (المجالس) في الآية الكريمة؟
اختلف المفسّرون في المراد بالمجلس على ثلاثة أقوال:
أحدها: أن المراد به مجلس الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خاصة، وهو قول مجاهد.
والثاني: أنّ المراد به مجلس الحرب، ومقاعد القتال، حيث كانوا لحرصهم على الشهادة يأبون التوسع، وهو قول ابن عباس، والحسن.
والثالث: أن المراد به مجالس الذكر كلّها، وهو قول قتادة وهو الأرجح.
قال الطبري: «والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ الله تعالى ذكرهُ أمر المؤمنين، أن يتفسّحوا في المجلس، ولم يخصّص بذلك مجلس النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ دون مجلس القتال، وكلا الموضعين يقال له: مجلس، فذلك على جميع المجالس، من مجالس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ومجالس القتال».