سيّدكم). ومنهم من منع من ذلك محتجاً بحديث:» من أحبّ أن يتمثّل له الرجال قياماً فليتبَوّأ مقعده من النار «ومنهم من فصّل فقال: يجوز عند القدوم من سفر، وللحاكم في محل ولايته، كما دلّ عليه قصة (سعد بن معاذ) فإنه لما استقدمه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حاكماً في بني قريظة فرآه مقبلاً قال للمسلمين: قوموا إلى سيّدكم، وما ذاك إلا ليكون أنفذ لحكمه والله أعلم.
أقول: جمهور العلماء على جواز القيام للقادم، إلا إذا كان فاسقاً، أو عاصياً، أو مرتكباً لكبيرة، أو مشهوراً بالكبر، وحب الظهور، وأمّا ما استدل به بعضهم من منع القيام بحديث:» من أحبّ أن يتمثّل له الناس قياماً... «الحديث فليس فيه دليل لهم، لأن الرسول عليه السلام لم يُطْلق اللفظ وإنما قيّده بوصفٍ يدلّ على الكبرياء وحب الظهور» من أحبّ أن يتمثّل له الناس قياماً «ولم يقل صلوات الله» من قام له الناس فليتبوأ مقعده من النار «ولا شكّ أنّ هذا الوصف لا ينطبق إلا على المتكبر المغرور، والفرق دقيق بين اللفظين فلا ينبغي أن يغفل عنه.
وأما ما يقوله بعضهم: من أنّ القيام ركن من أركان الصلاة، فلذلك يحرم، لأنه يشبه العبادة... إلخ فهذا جهل مطبق لا يصدر من فقيه عالم يتصدى لاستنباط الأحكام! ﴿
كيف والصلاة تشتمل على أركان كثيرة كالقعود، وقراءة القرآن، والتشهد، والصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في بعض الأقوال - كما هو مذهب الإمام الشافعي - فهل يقول أحد: إن الجلوس بين يدي العالم حرام لأنه ركن من أركان الصلاة؟ وإن تلاوة القرآن لا تجوز أمام أحد لأنها ركن من أركان الصلاة؟ وإن الصلاة على النبي عليه السلام حرام في حضرة الناس لأنها ركن من أركان الصلاة؟﴾ !