وقياسُ القيام على الركوع والسجود في الحرمة، قياسٌ مع الفارق، وهو قياس باطل، لأن الركوع والسجود لا يجوز لغير الله كما قال عليه السلام: «لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» وقد ورد في تحريمه النص القاطع، أمّا القيام، والقعود، والاضطجاع، فليس من هذا القبيل، وكفانا الله شرّ الجهل، وحماقة المتطفلين على العلم والعلماء!!
الحكم الرابع: هل الصدقة عند مناجاة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ واجبة؟
اختلف العلماء في قوله تعالى: ﴿فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ هل الأمر للوجوب أو الندب؟
فقال بعضهم: إنَّ الأمر للوجوب، ويؤيد هذا قوله تعالى في آخر الآية: ﴿فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ ومثل هذا لا يُقال إلا في الواجبات التي لا يصح تركها.
وقال آخرون: إن الأمر للندب والاستحباب، وذلك لأنّ الله تعالى قال في الآية: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ﴾ ومِثلُ هذا قرينة تصرف الأمر عن ظاهره، وهو إنما يستعمل في التطوع دون الفرض.
ومن جهة أخرى: فإنّ الله تعالى قال في الآية التي بعد هذه مباشرة ﴿ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صدقات﴾ ؟ وهذا يزيل ما في الأمر الأول من احتمال الوجوب، ويبقى الأمر للندب.
واتفق العلماء على أن الآية منسوخة، نسختها الآية التي بعدها ﴿ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ﴾ وقد اختلفوا في مقدار تأخر الناسخ عن المنسوخ، فقيل: بقي التكليف عشرة أيام ثم نسخ، وقيل: ما بقي إلاّ ساعة من النهار ثم نسخ.
وقد روي عن علي كرّم الله وجهه أنه قال: (إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي، كان لي دينار فاشتريت