وأما ما أُضيف إلى النبى ﷺ وهو ضعيف فى سنده أو متنه فذلك مردود غير مقبول، ما دام لم تصح نسبته إلى النبى صلى الله عليه وسلم.
وأما تفسير القرآن بما يُروى عن الصحابة أو التابعين، فقد تسرَّب إليه الخلل، وتطرَّق إليه الضعف، إلى حد كاد يُفقدنا الثقة بكل ما رُوِى من ذلك، لولا أن قيَّض الله لهذا التراث العظيم مَنْ أزاح عنه هذه الشكوك، فسلمت لنا منه كمية لا يُستهان بها، وإن كان صحيحها وسقيمها لا يزال خليطاً فى كثير من الكتب التى عَنِىَ أصحابها بجمع شتات الأقوال.
ولقد كانت كثرة المروى من ذل كثرة جاوزت الحد - وبخاصة عن ابن عباس وعلىّ بن أبى طالب رضى الله عنهما - أكبر عامل فى صرف همة العلماء ولفت أنظارهم إلى البحث والتمحيص، والنقد والتعديل والتجريح، حتى لقد نُقِل عن الإمام الشافعى رضى الله عنه أنه قال: "لم يثبت عن ابن عباس فى التفسير إلا شبيه بمائة حديث". وهذا العدد الذى ذكره الشافعى، لا يكاد يُذكر بجوار ما رُوِى عن ابن عباس من التفسير. وهذا يدل على مبلغ ما دخل من التفسير النقلى من الروايات المكذوبة المصنوعة.
* *
* أسباب الضعف:
ونستطيع أن نُرجِعْ أسباب الضعف فى رواية التفسير المأثور إلى أُمور ثلاثة:
أولها: كثرة الوضع فى التفسير.
ثانيها: دخول الإسرائيليات فيه.
ثالثها: حذف الأسانيد.
وأرى أن أعرض لكل سبب من هذه الأسباب الثلاثة المجملة بالإيضاح والتفصيل، حتى يتبيَّن لنا مقدار ما كان لكل منها من الأثر فى فقدان الثقة بكثير من الروايات المأثورة فى التفسير.
* * *
أولاً: الوضع فى التفسير
* نشأة الوضع فى التفسير:
نشأ الوضع فى التفسير مع نشأته فى الحديث، لأنهما كانا أول الأمر مزيجاً لا يستقل أحدهما عن الآخر، فكما أننا نجد فى الحديث: الصحيح والحسن والضعيف، وفى رواته مَنْ هو موثوق به، ومَنْ هو مشكوك فيه، ومَنْ عُرِف بالوضع، نجد مثل ذلك فيما رُوِىَ من التفسير، ومَنْ روَى من المفسِّرين.
وكان مبدأ ظهور الوضع فى سنة إحدى وأربعين من الهجرة، حين اختلف المسلمون