لا أعقل ذلك، ولا أقول إلا أنَّ كعباً عالِم له مكانته، وثقة له قيمته، وعدل له منزلته وشهرته..
* * *
٣- وهب بن مُنَبِّه
* ترجمته:
هو أبو عبد الله، وهب بن منبَّه بن سيج بن ذى كناز، اليمانى الصنعانى، صاحب القصص، من خيار علماء التابعين. قال عبد الله ابن أحمد بن حنبل عن أبيه: كان من أبناء فارس، وأصل والده "منبِّه" من خراسان من أهل هراة، أخرجه كسرى منها إلى اليمن فأسلم فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم، وكان وهب بن منبِّه يختلف إلى هراة ويتفقد أمرها، وقيل: إنه تولى قضاء صنعاء. قال إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن الهروى: ولد سنة ٣٤ هـ (أربع وثلاثين) فى خلافة عثمان، وقال ابن سعد وجماعة: مات سنة ١١٠ هـ (عشر ومائة)، وقيل غير ذلك.
روى عن أبى هريرة، وأبى سعيد الخدرى، وابن عباس، وابن عمر، وابن عمرو بن العاص، وجابر، وأنس، وغيرهم، وروى عنه ابناه: عبد الله وعبد الرحمن، وعمر بن دينار، وغيرهم. وأخرج له البخارى، ومسلم، والنسائى، والترمذى، وأبو داود.
* *
* مبلغه من العلم والعدالة:
كان وهب بن منبِّه واسع العلم، كثير الاطلاع على الكتب القديمة، محيطاً بأخبار كثيرة وقصص يتعلق بأخبار الأُوَل ومبدأ العالم، ومما يؤثر عنه أنه ألَّف كتاباً فى المغازى، ويحدِّثنا ابن خلكان: أنه رأى لوهب بن منبِّه تصنيفاً ترجمه بذكر الملوك المتوَّجة من حِميَر، وأخبارهم، وقصصهم، وقبورهم وأشعارهم، فى مجلد واحد، قال: وهو من الكتب المفيدة.
وقال أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق عن أبيه: حج عامة الفقهاء سنة مائة فحج وهب، فلما صلوا العشاء أتاه نفر فيهم عطاء والحسن، وهم يريدون أن يتذاكروا القَدَر، قال: فأمعن فى باب الحمد، فما زال فيه حتى طلع الفجر، فافترقوا ولم يسألوه عن شئ، قال أحمد: وكان يُتهم بشئ من القَدَر ثم رجع، وقال حماد بن سلمة عن أبى سنان: سمعت وهب بن منبِّه يقول: كنت أقول بالقَدَر حتى قرأت بضعة وسبعين كتاباً من كتب الأنبياء فى كلها: "مَن جعل إلى نفسه شيئاً من المشيئة فقد كفر" فتركت قولى. وقال الجوزجانى: كان وهب كتب كتاباً فى القَدَر ثم حدث أنه ندم عليه.
فأنت ترى من بين هذه الأخبار أن وهباً كان على ناحية عظيمة من المعرفة بالكتب


الصفحة التالية
Icon