أشهر ما دُوِّنَ من كتب التفسير المأثور وخصائص هذه الكتب
لا نريد أن نستقصى هنا جميع الكتب المدوَّنة فى التفسير المأثور، لأن هذا أمر لا يتيسر لنا، نظراً لعدم وقوع كثير منها فى أيدينا. ولو تيسر لنا لوقفت عند عزمى هذا: وهو أنى لا أتعرض لكل كتاب أُلِّفَ فى هذا النوع من التفسير، بل أتكلم عما اشتهر وكثر تداوله فحسب، لأنى لو ذهبت أتكلم عن جميع ما دُوِّن من هذه الكتب، كتاباً كتاباً، لطال علىَّ الأمر، والرسول ﷺ يقول: "إن المُنْبَتَّ لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى".
لهذا رأيت أن أتكلم عن ثمانية كتب منها، هى أهمها وأشهرها وأكثرها تداولاً، وسبيلى فى هذا: أن أعرض أولاً لنبذة مختصرة عن المؤلف، ثم أُبيِّن خصائص كل كتاب وطريقة مؤلفه فيه، وهذه الكتب التى وقع عليها اختيارى هى ما يأتى:
١ - جامع البيان فى تفسير القرآن: لابن جرير الطبرى
٢ - بحر العلوم: لأبى الليث السمرقندى
٣ - الكشف والبيان عن تفسير القرآن: لأبى إسحاق الثعلبى
٤ - معالم التنزيل: لأبى محمد الحسين البغوى
٥ - المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز: لابن عطية الأندلسى.
٦ - تفسير القرآن العظيم: لأبى الفداء الحافظ ابن كثير
٧ - الجواهر الحسان فى تفسير القرآن: لعبد الرحمن الثعالبى
٨ - الدر المنثور فى التفسير المأثور: لجلال الدين السيوطى
وسنتكلم عن كل واحد منها بحسب هذا الترتيب فنقول وبالله التوفيق:
١- جامع البيان فى تفسير القرآن (للطبرى)
* التعريف بمؤلف هذا التفسير:
مؤلف هذا التفسير، هو أبو جعفر، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير ابن غالب الطبرى، الإمام الجليل، المجتهد المطلق، صاحب التصانيف المشهورة، وهو من أهل آمل طبرستان، وُلِدَ بها سنة ٢٢٤ هـ (أربع وعشرين ومائتين من الهجرة)، ورحل من بلده فى طلب العلم وهو ابن اثنتى عشرة سنة، سنة ٢٣٦ هـ (ست وثلاثين ومائتين)، وطوَّف فى الأقاليم، فسُمِعَ بمصر والشام والعراق، ثم ألقى عصاه واستقر ببغداد، وبقى بها إلى أن مات سنة ٣١٠ هـ (عشر وثلاثمائة من الهجرة).
* *
* مبلغه من العلم والعدالة:
كان ابن جرير أحد الأئمة الأعلام، يُحكم بقوله، ويُرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، فكان حافظاَ لكتاب