وقوله أيضاً فى آية [٨٢] :﴿ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً﴾.. فمراده بالتأويل هنا تأويل الأعمال التى أتى بها الخضر من خرق السفينة، وقتل الغلام، وإقامة الجدار، وبيان السبب الحامل عليها، وليس المراد منه تأويل الأقوال.
* *
التأويل فى الاصطلاح:
١- التأويل عند السَلَف: التأويل عند السلَفَ له معنيان:
أحدهما: تفسير الكلام وبيان معناه، سواء أوافق ظاهره أو خالفه، فيكون التأويل والتفسير على هذا مترادفين، وهذا هو ما عناه مجاهد من قوله: "إن العلماء يعلمون تأويله" يعنى القرآن، وما يعنيه ابن جرير الطبرى بقوله فى تفسيره: "القول فى تأويل قوله تعالى كذا وكذا" وبقوله:
"اختلف أهل التأويل فى هذه الآية" | ونحو ذلك، فإن مراده التفسير. |
٢ - التأويل عند المتأخرين من المتفقهة، والمتكلمة، والمحدِّثة والمتصوِّفة:
التأويل عند هؤلاء جميعاً: هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به، وهذا هو التأويل الذى يتكلمون عليه فى أصول الفقه ومسائل الخلاف. فإذا قال أحد منهم: هذا الحديث - أو هذا النص - مُؤوَّل أو محمول على كذا. قال الآخر: هذا نوع تأويل والتأويل يحتاج إلى دليل. وعلى هذا فالمتأوِّل مطالَب بأمرين:
الأمر الأول: أن يبيِّن احتمال اللفظ للمعنى الذى حمله عليه وادَّعى أنه المراد.
الأمر الثانى: أن يبيِّن الدليل الذى أوجب صرف اللفظ عن معناه الراجح إلى معناه المرجوح، وإلا كان تأويلاً فاسداً، أو تلاعباً بالنصوص.
قال فى جمع الجوامع وشرحه: "التأويل حمل الظاهر على المحتمل المرجوح، فإن حُمِل عليه لدليل فصحيح، أو لما يُظَن دليلاً فى الواقع ففاسد، أو لا شيء فلعب لا تأويل".