من تأويلات العبيدين:
كذلك نجد أبا إسحاق الشاطبى يذكر لنا عن بعض العلماء: أن عبيد الله الشيعى المسمى المهدى، حين ملك إفريقيا واستولى عليها، كان له صاحبان من كتامة ينتصر بهما على أمره.. وكان أحدهما يسمى بـ "نصر الله"، والآخر يسمى بـ "الفتح" فكان يقول لهما: أنتما اللَّذان ذكركما الله فى كتابه فقال: ﴿إِذَا جَآءَ نَصْرُ الله والفتح﴾ [النصر: ١] قالوا: وقد كان عمل ذلك فى آيات من كتاب الله تعالى فبدَّل قوله تعالى فى الآية [١١٠] من سورة آل عمران: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾.. بقوله: "كتامة خير أُمَّة أُخْرِجت للناس".
فأنت ترى أن هؤلاء الغلاة الذين كفروا بما يعتقدون، يجدون فى صرف اللَّفظ القرآنى عن معناه الذى سيق له إلى معنى يتفق مع عقيدتهم، ويتناسب مع أهوائهم ونزعاتهم، وهم بعملهم هذا يُحَمِّلون القرآن ما لا يحتمله، ويقولون على الله بغير علم ولا برهان.
كذلك نجد الإمامية الإثنا عشرية يميلون بالقرآن نحو عقائدهم، ويلوونه حسب أهوائهم ومذاهبهم، وهؤلاء ليس لهم فى تفسيرهم المذهبى مستند صحيح يستندون إليه، ولا دليل سليم يعتمدون عليه، وإنما هى أوهام نشأت عن سلطان العقيدة الزائفة، وخرافات صدرت من عقول عشَّش فيها الباطل وأفرخ، فكان ما كان من خرافات وترهات!!
نعم.. يعتمد الإمامية الإثنا عشرية فى تفسيرهم للقرآن الكريم ونظراتهم إليه، على أشياء لا تعدو أن تكون من قبيل الأوهام والخرافات التى لا توجد إلا فى عقول أصحابها، فمن ذلك الذى يعتمدون عليه ما يأتى:
أولاً: جمع القرآن الكريم وتأويله، وهو كتاب جمع فيه علىّ رضى الله عنه القرآن على ترتيب النزول.
ثانياً: كتاب أملى فيه أمير المؤمنين عليه السلام ستين نوعاً من أنواع علوم القرآن، وذكر لكل نوع مثالاً يخصه. ويعتقدون أنه الأصل لكل مَن كتب فى أنواع علوم القرآن، وهم يروون عن علىّ رضى الله عنه هذا الكتاب بطرق عدة، وهو فى أيديهم إلى اليوم، ويبلغ ثلاث عشرة ورقة إلا ربعاً بالقطع الكبير الكامل، كل صفحة منها سبعة وعشرون سطراً.