بالصواب مذهب السَلَف الصالح: أنه استوى سبحانه عليه بلا كيف، بل على الوجه الذى يليق به مع تنزهه عما لا يجوز عليه".
* *
موقفه من آراء المعتزلة
وبالرغم من أن الزيدية تأثروا كثيراً بتعاليم المعتزلة، وأخذوا عنهم آراءهم وعقائدهم فى غالب مسائل الكلام، فإنَّا نجد صاحبنا لا يميل إلى القول بمبادئهم بل ونجده يرد عليهم، ويعارضهم معارضة شديدة فى كثير من المواقف.
فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٥٥] من سورة البقرة: ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ ياموسى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى نَرَى الله جَهْرَةً﴾.... الآية، يقول ما نصه: "... وإنما عوقبوا بأخذ الصاعقة لهم، لأنهم طلبوا ما لم يأذن الله به من رؤية الدنيا، وقد ذهبت المعتزلة ومَن تابعهم إلى إنكار الرؤية فى الدنيا والآخرة. وذهب مَن عداهم إلى جوازها فى الدنيا، ووقوعها فى الآخرة. وقد تواترت الأحاديث الصحيحة بأن العباد يرون ربهم فى الآخرة، وهى قطعية الدلالة، لا ينبغى لمنصف أن يتمسك فى مقابلها بتلك القواعد الكلامية التى جاء بها قدماء المعتزلة، وزعموا أن العقل قد حكم بها، دعوى مبنية على شفا جرف هار، وقواعد لا يغتر بها إلا مَن لم يحظ من العلم بنصيب نافع".
كذلك نراه يرد على الزمخشري فى دعواه: أن دخول الجنة مستحَق بسبب العمل الصالح، فيقول عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٤٣] من سورة الأعراف: ﴿ونودوا أَن تِلْكُمُ الجنة أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ :".... قال الكشاف: "بسبب أعمالكم لا بالتفضل كما تقول المبطلة". أقول: يا مسكين... هذا قاله رسول الله ﷺ فيما صح عنه: "سددوا وقاربوا واعملوا. إنه لن يدخل أحد الجنة بعمله"، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا إلا أن يتغمدنى الله برحمته" والتصريح بسبب لا يستلزم نفى سبب آخر، ولولا التفضل من الله سبحانه وتعالى على العامل بإقداره على العمل لم يكن عمل أصلاً، فلو لم يكن التفضل إلا بهذا الإقدار لكان القائلون به محقة لا مبطلة. وفى التنزيل: ﴿ذلك الفضل مِنَ الله﴾، [النساء: ٧٠] وفيه: ﴿فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ﴾ [النساء: ١٧٥].
كذلك نراه ينكر على المعتزلة القائلين: بأن العين لا تأثير لها فى المعين، وذلك حيث يقول عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٦٧] من سورة يوسف: ﴿وَقَالَ يابني لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وادخلوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ﴾... الآية: "وقد أنكر بعض المعتزلة كأبى هاشم والبلخى، أن للعين تأثيراً، وليس هذا بمستنكر من هذين


الصفحة التالية
Icon