كثر الكلام فيه من قِبَل أنه اقتصر فيه على ذكر تأويلات، ومحال للصوفية ينبو عنها اللَّفظ".
وقد مَرَّ بك آنفاً أن الإمام أبا الحسن الواحدى قال: "صَنَّف أبو عبد الرحمن السلمى حقائق التفسير، فإن كان اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر".
وهذا هو الإمام ابن تيمية يطعن على تفسير السلمى من ناحية أخرى فيقول: "وما يُنقل فى حقائق السلمى عن جعفر الصادق عامته كذب على جعفر كما قد كذب عليه فى غير ذلك".
* *
* رأينا فى هذه الطعون:
هذا.. وإنَّ عَدَّ السيوطى السلمى فى ضمن المفسِّرين من أهل البدع غلو منه وإجحاف.
وما قاله الذهبى من أن ما فى الحقائق تحريف وقرمطة - يريد أنه كتفسير القرامطة من الباطنية - فهذا غير صحيح، لأن الرجل يقر الظواهر على ظواهرها، والقرامطة بخلاف ذلك.
وأما ما قاله السبكى من أن السلمى قد اقتصر فى حقائقه على تأويلات للصوفية ينبو عنها اللَّفظ فهذه كلمة حق لا غبار عليها.
وأما قول الواحدى: إنه لو اعتقد أن ما فى الحقائق تفسير لكفر باعتقاده هذا، فنقول فيه: إن أبا عبد الرحمن لم يعتقد أن هذا تفسير، وإنما قال: إنه إشارات تخفى وتدق إلا على أربابها، كما صرَّح بذلك فى مقدمة حقائق التفسير.
وأما قول ابن تيمية: إن ما يُنقل فى حقائق السلمى من التفسير عن جعفر عامته كذب على جعفر، فهذه كلمة حق من ابن تيمية، إذ أن غالب ما جاء فيه عن جعفر الصادق كله من وضع الشيعة عليه، ولست أدرى كيف اغتر السلمى وهو العالم المحدِّث بمثل هذه الروايات المختلفة الموضوعة...
* *
* نماذج من تفسير السلمى:
وإذ قد فرغنا من الحديث على حقائق التفسير، فاسمع بعض ما جاء فيه، لتحم أنت بدورك عليه...
فى سورة النساء عند قول الله تعالى فى الآية [٦٦] :﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقتلوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخرجوا مِن دِيَارِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ﴾.. يقول: "قال محمد بن الفضل: ﴿اقتلوا أَنْفُسَكُمْ﴾ بمخالفة هواها، ﴿أَوِ اخرجوا مِن دِيَارِكُمْ﴾ أى أخرجوا